في 1960 فجرت فرنسا قنبلتها النووية الأولى في الصحراء الجزائرية.. وسمت العملية “اليربوع الأزرق”.. تشبها بقارض صغير.. يبرع في حفر المتاهات الأرضية.. ما بعد اليربوع الأزرق يعرفه الفرنسيون والجزائريون.. وتعرفه الأممالمتحدة.. وكل المنظمات التي تعنى بالجرائم المرتكبة ضد الإنسانية.. وضد الطبيعة. في 2013.. غزت القوات الفرنسية شمال مالي.. انطلاقا من العاصمة باماكو.. وسمت العملية “القط البري”.. وعلى خلاف اليربوع الأزرق.. تحرك القط البري على الأرض وليس تحتها.. فالفئران الصحراوية تحب القفز في الخلاء المفتوح. يعرف عن القط أنه صياد انتهازي.. يحسن استغلال الفرص.. ومخالبه الحادة لا تفلت الضحية.. وكلما كان متوحشا.. زاد نهمه للقتل.. لا يميز بين فأر من السلالة الزنجية الهزيلة.. أو فأر أسمر أو أبيض البشرة من الصنف الذي يعيش خلف الحدود الشمالية. *** القط الفرنسي الذي يطير إن شاء.. أو يقود مدرعة إن رغب في ذلك.. ليس حيوانا ودودا.. وهو لا يذهب إلى إفريقيا للاستمتاع بحمام رملي.. أو الدفاع عن الفئران والقوارض المظلومة.. أو دعم مجموعة من الحمقى الذين يتعاركون على كرسي متهرئ.. وحين يجلسون عليه.. يأتي من يطيح بهم.. ويرميهم خارج الملعب.. بل يتحرك بفعل غريزة حماية المصالح الفرنسية.. ومطاردة الجماعات الوهمية. هذا القط تحديدا.. جاء وعينه على الفئران الإفريقية الساذجة.. فالإمساك بها سهل.. وتناولها طازجة أو مطبوخة لا يثير أية مشاكل سياسية أو إنسانية أو حتى صحية.. ومن طبعها الاستسلام بغير مقاومة تذكر. الغريب في الأمر.. أن الفئران المشاغبة والمعلنة على قائمة طعام القط البري.. والتي جاء بنية اصطيادها وأكلها.. لا تظهر في الصورة.. فأين ذهبت هذه الفئران؟