لوكانت فرنسا قوية مثل أمريكا.. وواسعة كروسيا.. وضخمة بحجم الصين.. لابتلعتنا منذ زمن بعيد.. ولحسن الحظ.. فإن فرنسا اليوم ليست كذلك وليست كما كانت.. تقلصت بحيث بدت صغيرة ومحدودة.. وجغرافيتها لا تتيح لها أن تتمدد أبعد من رجليها النوويتين.. غير أن حكام الإليزيه يتصرفون.. بما يدعو للشك في صحتهم النفسية. وزير الداخلية الفرنسي الذي انتقل من مالي إلى تونس على ظهر الخيال.. أصبح الناطق الرسمي باسم العلمانيين والتقدميين واليساريين ومن على شاكلتهم في نادي الحداثة التونسي.. وحشر أنفه في شأن لا يعنيه.. بما يعطي الانطباع بأن تونس دولة تحت الحماية.. وليست بلدا حرا.. أسقط ديكتاتورا كان يحرص المصالح والقيم الغربية. ***** وفي سابقة.. يتبجح الوزير بدعم فرنسا (للقوى الديمقراطية والعلمانية في تونس التي تحمل قيم ثورة الياسمين).. ومنطلق هذا الدعم برأيه (كي لا تقع خيانة قيم ثورة الياسمين).. من يخونها؟.. هم الإسلاميون طبعا.. متناسيا أن وزيرة خارجية فرنسا كانت قد عرضت على بن علي (تعاون فرنسا في مجال الأمن والحفاظ على النظام).. قبل أن تستقيل تحت ضغط المعارضة. وهو لا يقف عند هذا الحد.. بل يتعداه إلى نفي أن تكون الدولة التونسية الراهنة.. المنتخبة بإرادة الشعب التونسي (نموذجا للربيع العربي).. والسبب واضح وبسيط.. لأن من يتولى أمرها ليسوا لائكيين بل (إسلاميون ظلاميون وفاشيون).. وهم في مجموعهم يمثلون (خطرا على القانون والديمقراطية) وعلى (النساء التونسيات)!! لكن ما لم يتفطن إليه الوزير.. هو أن أولئك الذين أنزلوا جثمان شكري بلعيد في القبر من النساء والشباب كانوا يرددون بأعلى أصواتهم (الله أكبر.. لا إله إلا الله.. والشهيد حبيب الله).