يعيش الشعب التونسي بمختلف فعالياته، حالة من الترقب وسط اتساع رقعة الالتفاف الشعبي حول مقترح الوزير الأول بالتغيير الوزاري المرتقب وخلع الحقائب السيادية من أيدي حزبه حركة النهضة الاسلامية، وهو المقترح الذي أثار فتنة بينه وبين زعيم النهضة راشد الغنوشي رغم محاولات الطرفين وقيادات الحركة إخفاء ذلك عن أنظار الرأي العام التونسي والدولي. وتعرف شعبية حركة النهضة المحققة بعد سقوط نظام بن علي تراجعا كبيرا جراء تنديد شعبي وسياسي، ويحملها التونسيون اليوم على اختلاف مشاربهم خاصة العلمانيون أسباب الأزمة وبروز موجة العنف الإسلاموي الذي كانت بدايته الرسمية باغتيال المعارض شكري بلعيد. ولاتزال حادثة اغتيال المعارض التونسي شكري بلعيد الذي اهتز لها العالم نهاية الأسبوع الأخير، تخيم على الشارع التونسي بجميع فعالياته، لاسيما من قبل التيارات الوطنية والديمقراطية والعلمانية، وبدرجة أقل الإسلاميين الممثلين في حركة النهضة التي تدير شؤون الحكم في تونس، وفي هذا الصدد تعرف مقرات الأحزاب السياسية ومقبرة الجزية التي شيع فيها المرحوم شكري بلعيد إلى مثواه الأخير تعزيزات أمنية مشددة يقابلها بعض أعمال الشغب والاحتجاجات الشعبية، وتتباحث الطبقة السياسية وفعاليات المجتمع المدني بقيادة الاتحاد العام للشغل التونسي حل للخروج من مرحلة الاحتقان السياسي الدائر في تونس وإجهاض مخططات راشد الغنوشي حسب ماأفاد به قياديون من الاتحاد العام للشغل التونسي. وتلقى مبادرة الوزير الأول التونسي وقيادي حركة النهضة الإسلامية، حمادي الجبالي، بمقترح تغيير وزاري يسحب البساط من حزبه في إدارة الحقائب الوزارية الهامة، اتساعا والتفافا شعبيا بالإضافة إلى التفاف سياسي من جميع التيارات السياسية حتى العلمانية منها. وفي هذا الصدد عبر العديد من المواطنين التونسيين في تصريحات مقتضبة ل”الفجر” عن تذمرهم من الوضعية التي آلت إليها تونس بزعامة حزب النهضة الذي يدير أكبر المؤسسات السياسية في البلاد، في مقدمتها الحكومة والمجلس الوطني التأسيسي. وقالت منى سعاتي، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة تونس، في تصريح ل”الفجر” إن الوضع السياسي اليوم بتونس متدهور وينذر بمستقبل سياسي وأمني مجهول، مضيفة أن حركة النهضة بزعامة الغنوشي تريد السطو على بعض مكتسبات التونسيين في ثورة الياسمين. وقالت نفس المتحدثة أن الغنوشي غير أهل لقيادة تونس وحجتها في ذلك أنه لم يعان ماعاناه المجتمع التونسي مع النظام البوليسي لبن علي، فهو كان يتسكع ببريطانيا والجزائر وفرنسا، حسب محدثة الفجر. سفيان زريتي من نقابة الأطباء هو الآخر عبر عن دعمه لمقترح الوزير الأول حفاظا على وحدة واستقرار تونس. وأضاف ل”الفجر” في هذا السياق ”مقترح الجبالي نابغ من إرادة وطنية بغض النظر عن البراغامتية الضيقة لحزبه”. وفي نفس السياق تعرف حركة النهضة تراجعا شعبيا كبيرا مقارنة بذلك النصر الذي حققته مباشرة بعد انفتاح الذي فرضته ثورة جانفي 2011 وسقوط النظام السياسي لزين العابدين بن علي، وما يدل على تراجع حركة راشد الغنوشي من مظاهر بوسط العاصمة تونس وقفت عليها الفجر، هو التنديد الشعبي بالحركة الاحتجاجية التي دعت إليها حركة النهضة الذي وقفت عنده ”الفجر” ليلة أمس الأول، بساحة بورقيبة ونهج مرسيليا، وفي هذا الصدد أكد العديد من التونسيين ل”الفجر” أن التعبئة الشعبية لحركة النهضة كانت بمقابل مادي، واستغلت بذلك الحركة التي تتخذ من الإسلام السياسي خطا لها، موجة البطالة الكبيرة والأزمة الاقتصادية الخانقة التي تضرب جميع مناطق تونس خاصة العاصمة، كما لا تخلو جدران أزقة تونس من لافتات الأحزاب والجمعيات السياسية والمدنية والثقافية المنددة بالعنف الإسلاموي محملين، حسب العديد من هذه اللافتات مسؤولية اغتيال المعارض شكري بلعيد وبروز التطرف باسم الدين الإسلامي لحركة النهضة الإسلامية ومن بين اللافتات واحدة كتب عليها ”الغنوشي ديڤاج”، وأخرى ”لا لأفغنة تونس”، ”تونس للجميع”... إلى غير ذلك من الشعارات المنددة بالنهضة.