توفي أمس عضو مجلس الأمة والمجاهد أحمد مهساس (المدعو علي مهساس)، إثر وعكة صحية تعرض لها الخميس الماضي أثناء تكريمه بالمعرض الكبير للفلاحة من طرف الوزير الأول عبد المالك سلال، بصفته ثاني وزير للفلاحة بالجزائر المستقلة، حيث سقط فجأة قبل أن يتم نقله على جناح السرعة إلى مستشفى عين النعجة العسكري بالعاصمة. يعتبر مهساس من المناضلين القلائل الذي ظل وفيا لمبادئه التي ناضل من أجلها من أيام الحركة الوطنية. وللرجل مسيرة زاخرة وحافلة بالإنجازات الكبيرة قبل وبعد الاستقلال ويعتبر من الجيل المثقف وصاحب تكوين تعليمي عال بحصوله على دكتوراه من جامعة السوربون بفرنسا وله العديد من المؤلفات والكتب المنشورة إلى جانب الدراسات التاريخية والمحاضرات والحوارات التي أثرى بها الساحة الجزائرية. وقبل هذا، كان الدكتور أحمد مهساس من نخبة الشباب الجزائري الذي بدأ النضال باكرا داخل المنظمة السرية لحزب الشعب الجزائري ببلكور بالعاصمة رفقة الشهيد محمد بلوزداد إلى غاية إنشاء المنظمة الخاصة (o.s) التي كان عضوا فيها في قيادة الأركان الوطنية التي بإثرها تم القبض عليه وإيداعه السجن في القضية المعروفة ب “مؤامرة المنظمة الخاصة". ليتمكن بعد ذلك في سنة 1952 من الفرار من سجن البليدة مع الرئيسين الراحلين احمد بن بلة ومحمد بوضياف الذين قرروا جميعا الالتحاق بفرنسا، أين كانت الخطوات الأولى لتفجير ثورة نوفمبر. وخلال الثورة كان مهساس يشرف على إدخال الأسلحة إلى الجزائر من ليبيا ثم بعدها تونس. وبعد الاستقلال، شغل منصب وزير الفلاحة وعضو مجلس الثورة، قبل أن ينشب الخلاف بينه وبين الرئيس الراحل هواري بومدين، وعندها اختار مهساس المنفى بمحض إرادته سنة 1966 بفرنسا. والتحق بمعارضة الخارج وفي غضون تلك الفترة استأنف دراسته في علم الاجتماع مواصلا العمل السياسي إلى غاية التحاقه مجددا بالجزائر سنة 1981، ليواصل من جديد عمله السياسي والفكري إلى اليوم الذي عين فيه عضوا بمجلس الأمة الذي يشغله حاليا. المجاهد الدكتور أحمد مهساس، الذي توفي وهو يبلغ من العمر 90 سنة وأوقفته “سنة الحياة" عن ممارسة السياسة والنضال، بقي طوال السنوات الماضية نشطا ومؤثرا في الساحة السياسية، متنقلا في الساحة الفكرية التي من خلالها نادي إلى التجديد الوطني بمنظور عربي إسلامي.