دخلت التعديلات المدرجة على قانون المحروقات رسميا حيز التنفيذ، بعد صدورها في الجريدة الرسمية، أمس الأول، ليدشن قطاع الطاقة مرحلة جديدة من تاريخه في الجزائر. وقوبلت هذه التعديلات بجدل واسع في الأوساط السياسية ولدى العديد من الخبراء الاقتصاديين، بين رافض لها بالجملة ومتحفظ على بعض بنودها وبين مؤيد لها بشدة.. التعديلات الجديدة التي تضمنها قانون المحروقات، كانت ضرورية لتعويض الاحتياطي الوطني من البترول والغاز الذي بدأ يتراجع منذ عشر سنوات بسبب ضعف الاكتشافات المحققة، حيث يهدف القانون بحلته الجديدة، إلى تشجيع استغلال الآبار الصغيرة والهامشية، لأن زمن الحقول الضخمة في الجزائر قد ولى دون رجعة، وإذا استمر الحال على ما هو عليه فستنضب الحقول الموجودة حاليا في غضون 2020 إلى 2030، وفق حديث عدد من الخبراء. ومن أجل ذلك ربط القانون الجديد الضرائب المفروضة على الشركات الأجنبية بالمردودية أي مستوى الأرباح الذي تحققه جراء استغلال الحقول، وليس رقم الأعمال كما كان سائدا من قبل، وذلك من أجل تشجيع مزيد من الاستثمارات الأجنبية في قطاع الطاقة. لكن الإشكال الأبرز في التعديلات يقع تحديدا، في إتاحته استغلال الغازات الصخرية في الجزائر لأول مرة، وتمتلك الجزائر احتياطيات ضخمة في هذه الغازات، حيث تصنفها بعض التقارير الدولية في المرتبة الثانية عالميا بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية، لكن الإشكال الأبرز يكمن في عملية استخراجه، التي تعتمد على مواد كيمياوية سامة، من شأنها تلويث المياه الجوفية المتوافرة بكثرة في الصحراء الجزائرية. وهذا ما حدا بالكثير من السياسيين لرفض هذا القانون جملة وتفصيلا، ووصل الأمر بالبعض منهم إلى وصف هذا القانون ب«قانون العار". أما من الاقتصاديين الرافضين للقانون، يبرز الخبير مالك سراي الذي ناشد الرئيس بوتفليقة شخصيا من منتدى "البلاد"، إبطال القانون، كما يوجد الخبير صلاح موهوبي، الذي أطلق النداء نفسه للرئيس. ويبرر الاقتصاديون رفضهم لاستغلال الغازات الصخرية بشقين، الأول هو ضررها المحدق على البيئة، وخوفها من أن تكون الجزائر حقلا للتجارب في هذا الميدان من قبل الشركات الأجنبية، خاصة مع ظهور مقال حصري نشرته مجلة "لوبوان" يقول إن الشركات الفرنسية تستعد للتنقيب عن الغازات الصخرية في الجزائر بمناسبة زيارة الرئيس الفرنسي الأخيرة للجزائر. لكن هذه الآراء لا تلقى الإجماع في أوساط الخبراء، حيث يبدي المدير العام السابق لشركة سوناطراك عبد المجيد عطار تحمسه لاستغلال هذه الغازات، وأوضح أن استغلال هذه الغازات يتطلب مساحات شاسعة على الأرض بسبب العدد الكبير من الآبار التي يتوجب حفرها، وهذا قد يكون مبررا لمنع استغلالها بالمناطق الشمالية، لكنه ليس مبررا على الإطلاق لمنعها في المناطق الجرداء بالصحراء.