بات النفوذُ الإيراني في بغداد واضحا لا لبس فيه، بعد 10 أعوام على سقوط نظام صدام حسين في العراق، وطال ما بعد صدام مختلف جوانب الحياة خصوصا العسكرية والأمنية والتجارية. وانسحب الأمريكيون من العراق أواخر العام 2011 عقب سنوات من الإطاحة بنظام صدام، ليتركوا العراق فريسة للصراع السياسي الداخلي ولنفوذ إيران. ويبدأ النفوذ الإيراني في العراق بحركة تجارية تصل إلى 7 مليارات دولار سنويا، ثم بشبكة من ضباط فيلق القدس يقدمون المساعدات المالية والطبية والاجتماعية لمن يطلبها، وتصل إلى بناء ميليشيات مؤيدة لها في العراق. ويقول باحثون من واشنطن إن “إيران تنمّي عصائب أهل الحق وهي ميليشيات شيعية لتكون حزب الله العراق”، وأشاروا إلى “وجود عناصر كثيرة داخل القوات المسلحة والأمنية العراقية انتسبت سابقا إلى ميليشيات مؤيّدة لإيران، وهذا يعطي طهران بعض التأثير حتى داخل وزارتي الدفاع والداخلية”. وترى الباحثة منال عمر من “معهد السلام الأمريكي” في واشنطن، أن “رئيس الحكومة العراقي الحالي نوري المالكي هو المفتاح في العلاقات الإيرانية العراقية، ولكن ينظر إليه معارضوه ومعارضو إيران وكأنه رجل طهران في بغداد”. ويعتبر آخرون أن “المالكي ليس خادماً لإيران ولا يقوم بأعمالها، وعلاقته بإيران ليست بوجه واحد، بل علاقة استراتيجية يثمّنها الطرفان”. وترى الباحثة منال عمر أن “المالكي أثبت قدرته على التفكير المستقل، وعند الضرورة يتجاذب القضايا مع طهران، ويقوم بدبلوماسية مكوكية”. وتابعت: “يراهن الأمريكيون على استقلالية المالكي وأحزاب شيعية أخرى مثل الصدريين لمقاومة التأثير الإيراني، أولاً لشعورهم القوي بعروبتهم، وثانيا لمقاومتهم فكر ولاية الفقيه. أما إيران فلا توفّر فرصة للتأثير على العراق”. وقالت “عندما أسقطت الولاياتالمتحدة صدام فتحت عملياً الباب لإيران. لقد اعتبرت طهران أن العراق في ظل صدام كان تهديداً أمنياً، وتريد الآن التأكد أن العراق لن يشكل أبداً هذا الخطر عليها”. وختمت بأن العراق يتعرض لتأثيرات من طهران، ولكنه لم يقع أسيرها على الإطلاق،” ولكن لو تركته أمريكا وتركيا والدول العربية، فسيكون معرضا أكثر ليصبح دولة في المدار الإيراني”.