يعد المعهد العالي العربي للترجمة مؤسسة تابعة لجامعة العربية وأنشئ عام 2004 في الجزائر، أي سنة بعد احتضان القمة العربية، في عهد الأمين العام السباق عمرو موسى، بهدف تكوين مترجمين محترفين بمستوى عال لسد النقص الكبير الموجود في العالم العربي. إلى جانب التكوين، يضطلع المعهد بمهمة إنجاز الدراسات في مجالات الترجمة المتعددة وتوفير المادة العلمية للباحثين والدارسين. ومعلوم أن مصر تحفظت على احتضان الجزائر لمقر المعهدن حيث تشير التقارير الأرشيفية إلى أن قمة الجزائر عرفت “حربا دبلوماسية" قادتها مصر للظفر بالمعهد، بمبرر أن أي هئية تابعة لجامعة الدول العربية يجب أن يكون في مصر، على غرار الجامعة نفسها. ويوجد المعهد العالي العربي للترجمة بالعاصمة الجزائرية، ويتوفر على قاعات للدروس مرتبة بطريقة حديثة، وفق متطلبات نوع الدروس، ومكتبة تضم عددا هاما من أمهات الكتب الخاصة بعلوم اللغة والترجمة والمعاجم والموسوعات التي يحتاجها الطلبة والأساتذة. ويقدم المعهد تكوينا في الترجمة لطلبة ما بعد التدرج “ماستر" لمدة سنتين من الدروس النظرية والتطبيقية، بالإضافة إلى برامج تدريب في هيئات علمية في الجزائر وفي الخارج وينتسب إلى المعهد حاليا أكثر من 60 طالبا من مختلف الدول العربية والأجنبية يشرف عليهم نخبة من الأساتذة الخبراء في تخصصهم والمعروفين على المستوى الدولي. وفي خريف عام 2008 بدأ المعهد أول دفعة منخصصة في الترجمة الآلية. وفي جانب الترجمة البحتة؛ يعد المعهد العالي العربي للترجمة مشاريع كبيرة، تتمثل في ترجمة مراجع الثقافة العربية إلى اللغات الأجنبية بهدف التعريف بها في العالم الغربي، ويعكف الخبراء في المعهد على تقديم ترجمة للقيم الإنسانية الموجودة في القرآن الكريم إلى 5 لغات، بهدف إزالة الشبهات وسوء الفهم وتسهيل إطلاع الأجانب على حقيقة الإسلام وتعاليمه. وبمناسبة فعاليات “الجزائر عاصمة الثقافة العربية"، قام المعهد العالي العربي بترجمة 100 كتاب جزائري إلى اللغة العربية في مختلف المجالات في سنة واحدة فقط، وتعتبر بيوض ذلك تجربة عملية يثبت من خلالها المعهد دوره الهام والفعال في حركة الترجمة. وتقول مسؤولة المعهد إنعام بيوض، إن الهيئة التي تقوم بتسييرها تملك إمكانيات علمية عالية، وهي مستعدة للقيام بدورها الإستراتيجي، في مستوى التحديات التي تواجه الأمة العربية وتحمل معها جملة من المشاريع الضخمة، يمكن إنجازها لو توفر الدعم المالي والمادي من الجامعة العربية بمستوى الطموحات. ويعد إلحاق المعهد بالأمانة العامة للجامعة العربيةن حسب مراقبين، دليلا على وعي الجامعة بدور المعهد ومهمته في توفير الكفاءات العلمية ومصادر المعرفة العالمية للمجتمعات العربية ودعم الثقافة والقيم العربية وعرضها على الغربي وتصحيح المفاهيم الخاطئة المنقولة عنها. من ناحية أخرى، يعمل المعهد العالي العربي للترجمة على إنجاز دراسات في علم المصطلحات لتطوير استعمال اللغة العربية في المجالات العلمية، ويقوم في هذا المجال بالتعاون مع مركز تنسيق التعريب في المغرب ، وهو مركز له تجربة واسعة ونشاط كبير أسهم من خلاله في توفير المصطلح العلمي باللغة العربية. وتوضح مسؤولة المعهد أن استعمال اللغة العربية في الدراسات والميادين العلمية يكاد يكون معدوما في أغلب الدول العربية ، فالجامعات العربية في المشرق والمغرب وفي الخليج تقدم الدراسات العلمية باللغات الأجنبية.