- الفيلم يتجاهل الواقع ويتحدث عن سهولة الحصول على العمل والسكن سقط المخرج شريف عڤون، في السطحية، من خلال فيلمه "البطلة" الذي خيم عليه الأداء المسرحي بشكل أثر على مصداقيته، خصوصا أنه يتناول فترة "العشرية السوداء" التي مرت بها الجزائر. وقدم العرض الأولي لهذا العمل أمام الصحافة ب"قاعة ابن زيدون" في العاصمة، وهو أول فيلم طويل للمخرج شريف عڤون وبحضور بعض أعضاء الطاقمين الفني والتقني. وتجولت "كاميرا" المخرج على مدى 80 دقيقة بين العاصمة وإحدى القرى ذات الطابع الفلاحي لترصد أحداث قصة الفيلم التي عادت لتستنطق مجددا الذاكرة حول مأساة "العشرية السوداء" من خلال ما وقع لبطلته "حورية"، تجسد دورها الممثلة سامية مزيان، التي عاشت على غرار الكثير من الأسر الجزائرية تلك الفترة الدامية بعد عملية الاغتيال والتشريد التي لحقت بعائلتها. ويقتل الزوج "عاشور" في هجوم جماعات إرهابية على القوات الأمنية وبعد أيام تهاجم مزرعته ويهلك جل أفراد أسرته ولا تنجو سوى زوجته "حورية" ووالديه اللذين أنقذتهما الأم بعد تصديها بشجاعة للمجرمين. وتتواصل أطوار القصة في مرحلة جديدة بعد انتقال حورية وأبنائها إلى العاصمة، حيث تجد نفسها أمام واقع جديد يجبرها على البحث عن العمل والسكن لإعالة أبنائها. ورغم أن "حورية" أو "البطلة"، كما سمّاها شريف عڤون؛ عاشت صدمة حقيقة وهي تشاهد أفراد عائلتها يقتلون، إلا أن مأساتها لم يجسدها سيناريو الفيلم الذي كتبه المخرج بنفسه، حيث لم يشعر المشاهد بتلك المعاناة ولا الحالة النفسانية للضحية في مثل هذه الوضعية. وبعد فترة قليلة من وقوع الجريمة يظهر "السيناريو" البطلة تعيش حياتها بصفة عادية وتمارس الرياضة وتبحث عن عمل، وقد يفسر ذلك برغبة المخرج في تقديم امرأة قوية وصامدة، لكن الشجاعة لا تنفي انهيارالضحية في لحظة من اللحظات أمام شحنة من مشاعر الحزن والألم. ويمكن هنا على سبيل المقارنة التذكير ببطلة فيلم "يما" للمخرجة جميلة صحراوي التي تخونها مشاعرها في بعض المواقف فتبدو شخصية مصدومة. ومن بين ما يعاب على "السيناريو" الذي أظهر ثغرات وتفككا في البنية الدرامية؛ عدم الالتصاق بالواقع من خلال تلك السهولة التي وجدتها البطلة في العثور على العمل والسكن والتأقلم مجددا في المجتمع، متجاهلا الظروف العويصة لتلك الفترة. كما أن الفيلم لم يظهر أي آثار أو صور لإرهابيين وكأن الأمر يتعلق بأشباح، ونفس الشئ يلاحظ بالنسبة إلى آثار الجريمة، حيث لم يظهر أي أثر للضحايا ولا لمشاعر الحزن باستثناء مشهد المقبرة في اللحظات الأخيرة. من ناحية أخرى، لم يتمكن هذا الفيلم من تحميس المشاهد تجاه موضوع قد تم تناوله بكثرة سينمائيا في الفترة الأخيرة؛ فكان على شريف عڤون تناول القصة بنظرة جديدة ومغايرة، خاصة أن موضوع الإرهاب مازال يشكل مادة دسمة للكتابة السينمائية شريطة تناولها بمزيد من المنطقية. وعن الشخصية الرئيسة حورية، فإن المخرج تسرع في إظهار "شجاعتها وصمودها"؛ حيث وصفها الضابط المكلف بالعملية ب"البطلة" في يوم وقوع الجريمة، كما بدت غريبة في مشهد وجودها بالمستشفى بعد الحادثة وكأنها غير معنية مباشرة بالأمر، في وقت يفترض أن يكون المشهد مؤثرا.