دعا المشاركون في الملتقى الوطني الأول الذي يتناول موضوع "الأبحاث والدراسات التاريخية في الجزائر بعد خمسين سنة من الاستقلال محطة للاعتبار والتقييم" الذي افتتح بجامعة باتنة، إلى تدريس اللغات "الكلاسيكية" القديمة بالجامعة الجزائرية من أجل التمكن من قراءة المدونات التاريخية بلغتها الأصلية. وذكر رئيس هذه التظاهرة العلمية الدكتور رشيد باقة أن اللغة "هي مفتاح كل فترة تاريخية"، مضيفا أن "المؤرخ الذي يكتب نقلا عن لغات أخرى إنما ينقل أحداثا ووقائع بعيون آخرين". ويرى المتحدث أن "هناك مشكلا في قراءة هذا التاريخ، خصوصا القديم منه الذي كتب بأقلام المستعمرين وبلغتهم". وكشف المختص في التاريخ أن "أول مشكل يعاني منه المؤرخ ومدرسة التاريخ بالجزائر يتمثل في غياب المصادر والوثائق التي تغطي كل المراحل التاريخية بالبلاد انطلاقا من التاريخ القديم والوسيط وحتى الحديث". وتناول المشاركون إشكالية اللغة في المادة والوثيقة التاريخية التي تواجه الباحث والمؤرخ الجزائري، واعتبروا أن الأبحاث والدراسات التاريخية بالجزائر بعد 50 سنة من استرجاع الاستقلال مازالت قليلة "بل تحتاج إلى محطة للمراجعة والتقييم"، مشيرين إلى الإقبال الكبير في السنوات الأخيرة على البحث التاريخي "الأكاديمي" في الجامعة الجزائرية بعد استحداث شعبة التاريخ الثوري في شهادة "الماجستير". وأشارت الدكتورة لمياء بوقريوة من قسم العلوم الإنسانية بجامعة باتنة، إلى "وجود توجه علمي أكاديمي في كتابة التاريخ بالنسبة إلى الكثير من الباحثين الجامعيين"، فيما ذكر بعض المتدخلين أن "هناك تعمد إسقاط بعض الأحداث أو عدم ذكرها". من ناحية أخرى، دعا المجاهد الرائد عمار ملاح إلى "وجوب ذكر الحقائق التاريخية كما جرت وبكل وقائعها السلبية والإيجابية، خصوصا الكتابات التي تتعلق بالثورة التحريرية حتى لا يصل التاريخ إلى الأجيال الصاعدة مزيفا". ويهدف الملتقى، حسب عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية والعلوم الإسلامية الدكتور صالح بوبشيش؛ إلى إبراز أهمية المصادر المحلية في الكتابة التاريخية والتعريف بها وتشجيع الطلبة والباحثين على الاهتمام أكثر بالبحث في تاريخ الجزائر، إلى جانب تذليل الصعوبات التي مازالت تعرقل طريق البحث في الجزائر وتقييم مسار البحث في ميدان التاريخ وتبيان إيجابياته وسلبياته. ويشارك في الملتقى -الذي يسعى إلى الإجابة على العديد من الإشكاليات منها معرفة الفترات التاريخية التي مازالت في طي النسيان و"أي من المصادر الأرشيفية الفرنسية أو الجزائرية التي يمكن الاعتماد عليها بدرجة أكبر في كتابة تاريخ الجزائر"؛ باحثون ومؤرخون وأساتذة جامعيون من مختلف الجامعات الجزائرية.