بينما كان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يتلقى تكريما من طرف المنظمة الدولية للثقافة والتربية والعلوم "اليونيسكو" على "الإنجاز الذي حققه تدخل باريس عسكريا في مالي"، كانت المعارك في شمال هذا البلد الذي تدخلت القوات الفرنسية فيه لاستعادة أقاليمه الشمالية من يد الجماعات المسلحة شهر جانفي الماضي، تشهد اقتتالا عرقيا عرف اشتدادا مع محاولة الجيش المالي السيطرة على منطقة كيدال التي تسيطر عليها مليشيات تابعة لحركة تحرير الأزواد التي تنتمي الى عرق التوارڤ. هذا الوضع المتأزم في مالي وما رافقه من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان مارسها طرفا النزاع العرقي في مالي شكل موضوع نداءات عاجلة لكل من منظمة العفو الدولية، ومنظمة "هيومن رايتس ووتش"، في بيانين منفصلين للتنبيه إلى الخطر الكبير الذي يعيشه هذا البلد بعد شهور من تدخل عسكري فرنسي يبدو أن نتائجه على صعيد الأمن والاستقرار سلبية جدا. فمنظمة العفو الدولية التي أوفدت لجنة من كبار خبرائها الى مالي، للاطلاع على الأوضاع على الأرض وخاصة قضية حقوق الإنسان، في مرحلة ما بعد انسحاب معظم القوات الفرنسية، قالت في تقريرها الذي نشرته أمس الجمعة إن الحرب التي دارت في الشهور الأخيرة كان جزءا كبيرا منها يمثل أعمال عنف عرقية وإن "مدنيين هم جزء من عشرات الأشخاص الذين قتلوا وتعرضوا للتعذيب والاختفاء بما في ذلك أثناء الاعتقال منذ إطلاق عملية تدخل الجيش الفرنسي قبل خمسة أشهر ضد الجهاديين والمتمردين التوارق الذين احتلوا شمال مالي في 2012″. وأضافت المنظمة أن القوات الفرنسية كانت لها يد في هذه الجرائم عبر تقديمها العشرات من الأشخاص الذين ألقت عليهم القبض في إطار عملياتها العسكرية قامت بتسليمهم إلى السلطات المالية، وهي لا تملك أدنى الضمانات حول توفير معاملة إنسانية لهم تحترم الاتفاقيات والمواثيق الدولية. وفي الطرف الآخر اتهمت المنظمة الحقوقية الدولية حركة تحرير الأزواد بالقيام بارتكاب "تعديات جنسية" ضد نساء وفتيات وباستخدام أطفال جنود. من جهتها أطلقت منظمة "هيومن رايتس ووتش" ناقوس الخطر، بسبب الأزمة العرقية التي تزداد سوءا في شمال مالي، حيث رصدت في هذا السياق أن "العسكريين الماليين ارتكبوا منذ بداية شهر ماي تجاوزات خطيرة وخصوصا عمليات تعذيب ضد ما لا يقل عن 24 رجلا، من المتمردين المفترضين أو القرويين العاديين، في منطقة "موبتي" وسط مالي ومعظمهم من التوارڤ". كما جمعت المنظمة شهادات على انتهاكات قامت بها جماعات التوارڤ التي استهدفت أشخاصا داكني البشرة الذين ينتمون إلى مجموعات عرقية أخرى.