هل تظنون أن لديكم صندوقا سريا تحتفظون فيه برسائلكم الخاصة.. ومن ثم لا تسمحون لأحد بالاطلاع عليها؟ ستكونون مخطئين لو اعتقدتم هذا.. فالمسألة برمتها أن أمريكا تعرف عنكم كل شيء.. من رغيف الخبز الذي تتناولونه.. إلى تغريداتكم في تويتر.. إلى ما هو أشد خصوصية من ذلك. قبل زمن.. كنا نعتقد أن أمريكا تراقبنا من الجو فقط.. وإنها لا تتسلل إلى بيوتنا عبر خيوط الإنترنت.. ولا تزاحمنا إلى حواسيبنا الخاصة.. ولا تتعقب هواتفنا الغبية.. كنا نظن هذا قبل أن ينتشلنا الأمريكي "إدوارد سنودن" من هذا الوهم.. ويرمي بنا إلى الشارع.. هامسا في آذاننا: انتبهوا.. ثمة من يشارككم حياتكم الخاصة!! *** الجانب الإعلامي من قصة "سنودن" تعرفونه.. كما عرفتم قصة الويكيليكس من قبل.. وقصة المجند الأمريكي "جوداربي" الذي كشف فضائح "أبوغريب" .. وصرح ردا على من اتهمه بالخيانة : (أنا مجرد جندي قام بواجبه). سنودن بدوره صرح لصحيفة صادرة في هونغ كونغ (أنا لست خائنا ولا بطلا، أنا أمريكي.. لست هاربا من العدالة.. أنا هنا لكشف وقائع شائنة). الإدارة الأمريكية تدعي أن (التصنت على المكالمات.. ومراقبة البريد الإلكتروني.. لا يمس الأمريكيين.. بل هو موجه لأعداء أمريكا في الخارج).. وفي الوقت نفسه تدعوإلى (ضرورة ملاحقة سنودن حتى أقاصي الأرض لإحضاره أمام القضاء). هذا هو الوجه الأمريكي من القصة.. أما الوجه الآخر.. فهو نحن.. الذين تنتهك خصوصياتنا.. ويضحك علينا "فايسبوك والياهو والسي آي إي".. ثم نصدق أن أسرارنا مصونة.. وحياتنا الخاصة غير منتهكة. التكنولوجيا المستوردة لا تحمي المغفلين أمثالنا.. والسياسة تجعلنا نصدق أن حكوماتنا ستنتفض من أجلنا.