تسيير الميزانية السنوية للدولة.. عنوان لمدى رشادتها وحسن تفكيرها.. فحيث يسود التبذير.. ويعشش سوء التسيير.. ويُنتهب المال العام بغير رادع.. ويطفح التهرب الضريبي.. ويطغى الاستيراد الأعمى.. وحيث تسرع الحكومة إلى الاستدانة من المقرضين الخارجيين لأي سبب.. ثمة خلل فادح يعتري الطريقة التي يفكر بها أصحاب القرار.. والأسلوب الذي يديرون به عجلة الدولة. فماذا يعني أن تفكر دولة تملك احتياطي ضخم من العملات الصعبة.. وتُقرض صندوق النقد الدولي.. وتلغي ديون 14 دولة إفريقية بمبلغ 902 مليون دولار بجرة قلم.. في الاستدانة من الخارج لتغطية عجز محتمل في الميزانية.. ومبررها الظاهر أن سعر النفط قد ينزل إلى ما دون مائة دولار للبرميل؟ *** إنه السؤال الذي لن تعثر له الحكومة على جواب مقنع.. إذ لا يوجد لديها جواب أصلا.. بل يوجد لديها شيء اسمه "ورطة مؤجلة".. سببها أن الدولة التي لا تبيع إلا النفط.. وتستورد كل شيء.. ولا تتعلم حرفا من الدروس القاسية التي تلقتها على يد صندوق النقد الدولي.. لن تكون قادرة على احتواء أية صدمة نفطية جديدة.. هذا في الأجل القريب.. أما في الأجلين المتوسط والبعيد.. فالمصيبة أننا سنجد أنفسنا لا نملك شيئا.. سوى هياكل ملايين السيارات التي تزدحم بها الشوارع.. وقصور ألف ليلة وليلة.. تشير إلى محدثي النعمة ممن شربوا آخر قطرة نفط.. نبعت من آخر بئر صحراوي. بصراحة.. ألا تشعر الحكومة.. أو وزير المالية.. أو محافظ بنك الجزائر.. ولو بشيء من الحرج أو الخجل.. وهم يعيدون تشغيل أسطوانة رضا مالك وأحمد أويحيى.. اللذين قدما الجزائر في طبق من ذهب لصندوق النقد الدولي والمتمولين الجشعين.. الذين ينتظرون سقوطنا مرة أخرى؟