- الصراع بين المعربين و"الفرانكوفونيين" كان سببه التموقع وليس محاربة العربية وصف وزير الثقافة والإعلام الأسبق الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي، الرئيس الراحل هواري بومدين بمهندس الثورة الثقافية في الجزائر، وذلك باعتماده على عملية التعريب لنشر الثقافة الجزائرية داخل الجزائر وخارجها. واعتبر لدى نزوله أمس ضيفا على البرنامج الإذاعي "حوار الذاكرة" الذي تبثه القناة الأولى، أن سبب اختياره لتنفيذ هذه المهمة يرجع لعدة أسباب، من بينها نجاحه في تنفيذ أهداف سياسة التعريب عندما كان وزيرا للتربية، مواصلا الحديث عن جوانب تشمل مسيرة سبع سنوات أمضاها على رأس وزارة الثقافة والإعلام. وقال إن وزارته حققت عدة أهداف سواء في المجال الثقافي أو الإعلامي، ليعود ويذكر بالسياسة التي اتبعتها الجزائر خلال السبعينيات من القرن الماضي والتي أعطتها مكانة خلال تلك الفترة في المجال الثقافي، حيث أصبحت البلاد، حسب الإبراهيمي، قبلة لهواة الكتاب وصناعه؛ مما ساهم في تحقيق الجزائر قفزة نوعية خلال عشر سنوات تمكنت فيها من إصدار سبعة ملايين نسخة وهذا بفضل دعم حقوق المؤلف، خاصة بعدما تقرر دفع المستحقات مباشرة عند طبع الكتاب. وتطرق الإبراهيمي إلى موقف هواري بومدين مما كان ينشره الأديب الراحل الطاهر وطار، موضحا أن الرئيس الراحل قرأ قصة نشرتها له مجلة "الجيش" وانزعج منها، مذكرا بأن بومدين كان يعتبر وطار من رواد القصة الجزائرية. وقال الإبراهيمي إن الدرس الذي قدمه والده الإمام في التلفزيون لم يكن في وقته لأن بومدين كان يستعد لزيارة موسكو من أجل دعم العرب بالسلاح في معاركهم مع إسرائيل، مضيفا أن قطاع الإعلام آنذاك لم يكن موجها رغم اعترافه بأنه كان يشرف شخصيا على نشرة الثامنة. وأكد أن بومدين كان يعرف الصحافيين ويتبادل الحديث معهم. وعرج الإبراهيمي على أهم المشاكل التي واجهته خلال أداء مهامه، مؤكدا أن الرئيس بومدين كان يشرف بنفسه على تذليل كل الصعاب التي تعترضه، مضيفا أن الصراع بين المعربين و"الفرانكوفونيين" كان سببه التموقع وليس محاربة العربية في حد ذاتها، وأنه استطاع الجمع بين الطرفين بعد جهد جهيد، معتبرا الرئيس بومدين "الأب الروحي لسياسة التعريب وأنه كان يهدف من ورائها إعطاء الجزائر بعدا قوميا وإقليميا قويا. من ناحية أخرى، قال الإبراهيمي إن وزارة الدفاع ساهمت بشكل كبير في عملية نشر التعليم في الجزائر بعدما حولت معظم ثكناتها إلى مدارس، وتعاونت الكثير من الوزارات في عملية التعريب، بينما تأخرت الداخلية عن هذه المهمة، مضيفا "كان أحمد مدغري وزير الداخلية آنذاك من أكبر المقربين للرئيس بومدين إلا أن الإدارة تماطلت في عملية تعريب الوثائق". وأكد المتحدث أن الرئيس هواري بومدين كان يحترم الأمازيغية وهو ما ساعد الكاتب الكبير مولود معمري على فتح قسم لتدريس هذه اللغة، موضحا "لكن من المؤسف إن المفرنسين دافعوا عن لغة بعيدة كل البعد عن ثقافتنا ولم يتجرؤوا يوما على الدفاع عن الأمازيغية"، وفق تعبيره.