أتساءل دائما.. كم يجب أن يمر من الوقت.. حتى ننسى نحن الجزائريين أن فرنسا قد نكلت بنا 132 سنة؟ خمسون عاما.. مائة عام.. الدهر كله.. الراجح أن الزمن الرسمي الجزائري.. عندما يتعلق الأمر بعلاقاتنا مع فرنسا.. يبدو متوقفا أو مشلولا.. وفي الحالات النادرة التي تدب فيه الروح.. يرتد إلى الخلف. فالبعض يدعونا لنسيان كل شيء.. وتنظيف ذاكرتنا من التاريخ.. والبعض يرى أن "استقلال الجزائر يمكنه بل يجب عليه فتح عهد جديد للتعاون والصداقة بين الشعبين".. وثمة من يختزل الموضوع برمته في تظاهرات " ثقافية".. تكون بمثابة "جسر للتبادل والصداقة بين الشعبين"!! بهذا الابتذال.. يتحول التاريخ إلى مهرجانات.. وعروض أزياء.. و"سيرك عمار".. وبهذا الأسلوب تعالج كل المشكلات المترتبة عن مرحلة استعمارية خبيثة.. نريد طرحها على طاولة النقاش.. ويريد غيرنا تحويلها إلى قضية منتهية. *** فما معنى أن يُقام عرض لأزياء النساء بشراكة فرنسية جزائرية.. ترعاه وزارة الثقافة الجزائرية.. "بمناسبة العيد الخمسين لاستقلال الجزائر عن فرنسا".. عرض يقول القائمون عليه إنه يندرج في سياق "التبادل الثقافي والتواصل بين فرنساوالجزائر".. و"الحوار بين ضفتي المتوسط"؟ أعتقد أن الذاكرة الجزائرية لم تجف بعد من مشاهد الموت والخراب التي خلفها الاستعمار.. وكل حساباتنا مع فرنسا.. لا تزال عالقة لم تسو بعد.. وبداية تصحيح العلاقة بيننا وبينهم.. تكون باعتراف هؤلاء الناس بجرائمهم وخطاياهم. أما أن تتعرى فرنسيات وجزائريات في عاصمتنا.. تحت الرعاية السامية لوزارة الثقافة.. وفي الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر.. ففي الأمر إثارة للاشمئزاز.. وشتيمة موجهة لأولئك الذين استُشهدوا.. كي تولد الجزائر من جديد.