لمن لا يعلم .. يمثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي .. "ديكارت" الحكومة .. أي عقلها المفكر والمدبر .. فمادام المجلس يفكر .. فالحكومة موجودة .. وإذا ما توقف المجلس عن التفكير .. توقف قلب الحكومة عن الحركة .. وربما احتاجت إلى عملية إنعاش سريعة وحاسمة .. تنقذها من الموت. هذا على المستوى النظري .. أما على المستوى العملي .. فالأمر شيء آخر .. فما قد يبدوعقلا مفكرا .. وجهازا استشاريا استراتيجيا .. فائق الحساسية والأهمية .. هو في الحقيقة مجرد جهاز بيروقراطي .. قد تلتفت إليه الحكومة شكلا .. لكنها تخالفه مضمونا .. فعلى حد تعبير رئيس المجلس نفسه .. فإن (معظم توصيات المجلس التي تم عرضها سابقا في عدة مناسبات رسمية وغير رسمية، لم يجر تطبيقها في الميدان ..). ولهذا السبب يرجو من الحكومة الحالية (أن تجد لنفسها متسعا للتفكير المعمق حول مستقبل البلاد على المديين المتوسط والبعيد واتخاذ الإجراءات اللازمة للتحضير له بشكل عاجل) .. وأن تستمع (بعناية فائقة لنداء المجلس المستعجل). هذه هي خلاصة أفكار جماعة المجلس .. الذين يقضون فترة استجمام في نادي الصنوبر وفنادق خمسة نجوم .. قبل أن يصدروا توصيات .. ويعودوا إلى بيوتهم .. ليستريحوا من عناء التفكير .. فأين يكمن الخلل ؟ الخلل يكمن أولا في ضمير المجلس .. الذي لم يقتنع بعد أنه يسبح خارج الغلاف الجوي للحكومة .. ويكمن ثانيا في عقل الحكومة .. التي تحولت إلى إطفائي من الدرجة الأولى .. تقفز من مكان إلى آخر .. وفي يدها دلاء ملأى بالوعود والأغلفة المالية .. تشتري السلم الاجتماعي بأي ثمن. أما حديث المستقبل .. ونموذج التنمية الجديد .. والنداء المستعجل .. فهذا كله من الترف الفكري .. الذي لا يشغل بال الحكومة .. التي تحرص على أن تنام كل ليلة .. وهي تحلم بيوم جديد .. يخلو من دخان الإطارات.