يجمع الكثير من المراقبين للشأن الثقافي بالجزائر على أنه ''من الظلم'' النظر إلى الحراك الثقافي خلال سنة 2009 من زاويته السلبية فقط، كون ما شهدته الساحة الثقافية في العام الذي يحزم حقائبه للرحيل، لم تسجله جزائر 2007 التي احتفلت بالثقافة العربية على مدار عام كامل. يشكل المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني الذي احتضنه الجزائر شهر جويلية الماضي على مدار أسبوعين، أهم حدث ثقافي في العام ,2009 فبالرغم من الانتقادات التي وجهت إليه ووقوعه في فوضى تنظيمية عارمة. إلا أنه تمكن من تحريك المشهد الثقافي من خلال كم التظاهرات الفكرية والمسرحية والسينمائية والكتب التي طبعت في التظاهرة. وفي هذا السياق، تدافع الوزيرة تومي عن ''التظاهرة السمراء'' وتقول إن المهرجان الإفريقي حقق نجاحا كبيرا، وربطت الوزيرة هذا ''النجاح'' برسائل الشكر والتهاني التي تلقتها من الوفود والشخصيات التي شاركت في التظاهرة!...من ناحية أخرى، تقول الوزيرة إن الحركة المسرحية شهدت انطلاقة جديدة بفضل السياسة الثقافية التي اعتمدتها الحكومة في تطوير أبي الفنون من خلال ''توسيع شبكة المرافق والدعم والتكوين إضافة إلى إعادة الانتشار عبر التراب الوطني''، إلى جانب نجاح الجزائر في إرساء دعائم مهرجان المسرح المحترف الذي أخذ ينافس المهرجانات الكبرى من خلال استقطابه لأعمدة المسرح العربي والإفريقي. وفي الوقت الذي تدافع فيه الوزيرة تومي عن منجزات المهرجان الإفريقي، خرجت الأصوات المعارضة لها لتهاجم التظاهرة بشدة واصفة إياها ب''الزردة'' التي أهدر فيها المال العام دون أثر ملموس في الواقع. ووصل الأمر إلى حد مساءلات برلمانية للوزيرة ومطالبتها ب''كشف حقيقة الأموال التي صرفت في المهرجان''. من ناحية أخرى، عرفت الساحة الثقافية جدلا كبيرا قبيل تنظيم صالون الجزائر الدولي للكتاب على خلفية تغيير مكان تنظيمه من معرض الصنوبر البحري إلى مركب 5 جويلية الأولمبي. وفي هذا الإطار خرجت النقابة الوطنية للناشرين في عهد رئيسها السابق فيصل هومة، ونقابة مهنيي الكتاب لرئيستها راضية عابد، لتقررا رفض قرار تغيير المكان في الوقت الذي أكد الناشرون أن محافظة الصالون التي يرأسها إسماعيل أمزيان، تريد دفعهم إلى مقاطعة التظاهرة ل''تصفية حسابات قديمة'' بعد تنحية الأخير من على رأس النقابة، وهي التبريرات التي نفاها أمزيان واتهم الناشرين بالعمل على ''التشويش وافتعال مبررات واهية الغرض منها تحقيق منافع شخصية''. ورغم هذا المد والجزر والاتهامات المتبادلة، سلم هومة رئاسة النقابة لأحمد ماضي ونظم المعرض الذي لم يتمكن الناشرون أو اللجنة المنظمة له من تحديد نجاحه من فشله. على صعيد آخر، كانت 2009 سنة المشاريع و''الأحلام المؤجلة'' التي لم تتحقق لحد الآن، حيث أن الوصاية وعدت قبل عام بإعادة النظر في وضعية الفنان وسن قانون أساسي خاص به يحق حقوقه ويحدد واجباته، وهو القانون الذي لم ير النور بعد. ويشكل الكتاب أهم المشاريع التي تراهن عليها الوصاية والدولة الجزائرية، فسوق النشر والكتاب لا يزال يسير في فوضى وسط سطوة ''أدعياء النشر والتجار'' على حساب دور النشر المهنية والعريقة، وهو ما يحيل إلى إعادة تنظيم المهنة من خلال ''قانون أساسي'' و''ميثاق أخلاقيات'' يحدد طبيعة ''الناشر ومهامه''. وفي هذا الإطار، أعلن في سنة 2009عن إنشاء المركز الوطني للكتاب من خلال مرسوم رئاسي حدد طبيعته ومهامه. وبرأي مراقبين، فإن هذا المركز سيحدث ''تغييرا جذريا'' في سوق الكتاب، كما يتخوف البعض أن يفتح المركز شهية ''كبار الناشرين'' لبسط نفوذهم على السوق في حال توليهم ''مناصب عليا'' في الهيئة الجديدة.