لقد كانت الأحداث الدامية التي شهدتها غزة نهاية ديسمبر ,2008 والتي استمرت إلى غاية شهر جانفي ,2009 بداية لخروج الجزائريين إلى الشارع تضامنا مع سكان غزة، وبالأخص العاصمة التي مازالت تحت طائلة حالة الطوارئ قد فتحت المسيرة الاحتجاجية التضامنية مع سكان غزة، الذين تعرضوا لأبشع عدوان من طرف الجيش الإسرائيلي، الشهية للجزائريين، في عدد من المناسبات للخروج إلى الشارع للتنديد بالحفرة والمحسوبية وتدني القدرة الشرائية. لكن عصا السلطة كانت في كل تلك الحالات هي من تفرض سلطتها وقتها في النهاية، خاصة بعدما ألفوا الوقوف أمام قوات مكافحة الشغب في كل مرة. وشكلت الاحتجاجات في قطاعي التربية الوطنية والصحة، النسبة الأكبر خلال عام ,2009 لتليها مباشرة احتجاجات كانت في عديد من المرات دامية، بين مواطنين ورجال الأمن الوطني، كانت تتعلق بالجانب المعيشي لعامة المواطنين من طالبي السكن والشغل. كما دفعت الوضعية المزرية التي يعيشها الأساتذة في مختلف الأطوار التعليمية في الجزائر، إلى الخروج للشارع في عدد من المناسبات، وتعليق مصير التلاميذ بين كفي عفريت، عن طريق إضرابات مفتوحة ومحددة، فالراتب الزهيد والضغط الاجتماعي الذي يعيشه الأساتذة وأزمة المتقاعدين منهم، دفعت بالكثير من المواطنين إلى القول إن سنة 2009 كانت بمثابة اعطلب مدفوعة الأجر بالنسبة للأساتذة، خاصة مع تكرر الإضرابات، بعدما قضوا معظم أوقاتهم في الشارع والاحتجاج أكثر مما يقضونها في الأقسام والتدريس، بل نقلوا عدوى الاحتجاج والخروج إلى الشارع لتلامذتهم، حيث صنع تلاميذ الثانويات والابتدائي، الحدث خاصة في العاصمة بعد خروجهم في أكثر من مناسبة إلى الشارع، للتنديد بدورهم بعدد من المشاكل المتعلقة بمرافق الدراسة أو بيداغوجية. ولم يختلف عمال قطاع الصحة عن زملائهم في التربية والتعليم، بعدما خاضوا سلسلة من الاحتجاجات، كرد فعل على عدم تكفل الوصاية بانشغالات موظفي القطاع وانتهاجها سياسة اللامبالاة تجاه الشركاء الاجتماعيين وموظفي القطاع، خاصة بعدما نفد صبر الموظفين للتأخرئ في إصدار القوانين الأساسية لمختلف الأسلاك، وهو الأمر الذي زاد من قلق هذه الشريحة وخوفها على مصير مستقبلها في ظل الغموض والتصنيف المجحف في سلم الأجور، حسب ما يعتقده أبناء القطاع. كما كان للمواطنين من عامة الشعب نصيب في الاحتجاجات عام ,2009 حيث تم تسجيل عدد من الضحايا في أعمال شغب وتخريب وخسائر بالملايير، تتكبدها الخزينة العمومية بينما يتجاوز مجموع الموقوفين لتورطهم في أحداث الشغب والتخريب 150 موقوف، إضافة إلى عشرات الجرحى في صفوف المواطنين، في احتجاجات مختلفة ومتفرقة عبر ولايات الوطن، انطلاقا من وهران، إلى بريان، إلى العاصمة والبليدة وتلمسان وبرج بوعريريج، وغيرها من الولايات، آخرها أحداث ديار الشمس التي خلفت 15 جريحا في صفوف قوات حفظ الأمن خلال مواجهات بين السكان ورجال الأمن من بينهم رئيس أمن دائرة بئر مراد رايس الذي نقل مباشرة إلى العناية المركزة، وانتهت الأحداث بتوقيف وإحالة 15 متورطا في الأحداث على العدالة، بينهم أربعة قصر أطلق سراحهم، وخمسة أشخاص آخرين من ذوي السوابق العدلية وضعوا رهن الحبس، في حين استفاد الباقي من الإفراج المؤقت.