وزيرنا الأول والأخير أحمد أويحيى، تكون قد وصلته معلومات مغلوطة عن إضراب جماعة الصحة العمومية! هذا ما تقوله نقابات القطاع، وهي الأكبر عددا على الإطلاق مقارنة مع قطاعات أخرى بناء على مزاعم الأول من كون الأطباء والممرضين يتعرضون للاستغلال السياسي من عدة أحزاب لم يذكرها.ولو كان هذا الكلام صحيحا، سنكون ممتنين لصاحبنا، لكون بعض الأحزاب ما زالت قادرة على تحريك فئات مهنية أو حتى الشارع، لأن هذا الأمر على ما يعتقد الكثير من الناس، وبالنظر إلى سياسة الغلق المعتمدة منذ عدة سنوات تحت ظل حالة الطوارئ على الطريقة المصرية لم يعد بالإمكان إطلاقا رفعها، ولو عاد نحناح من قبره وعاد الشباب لعباس ليدور لسانه الثقيل ويهز الراس، ويهيج صاحب الممنوعات العشرة بمن يعتبرهم مارقين وكفرة! فالمشكلة إذن ليست فيمن يحرك الإضرابات الوطنية والاحتجاجات المتكررة يوميا، بالنظر إلى المستوى المعيشي المتدهور الذي وصل إليه أصحاب الشهرية والذين لا دخل لهم، وإنما في كيفية وصول الأخبار المزعجة إلي السياسيين، فيمن يفترض أن بيدهم الحكم والحل والفصل، وإن كان هذا مشكوكا فيه، بدليل أن معظم قرارات تسقيف الأسعار، كما حدث مؤخرا مع الاسمنت مثلا، انتهت بفعل عكسي تماما، أشبه بما كان يقول عمنا القذافي قبل أن يتوب طز في أمريكا، في الحكومة! جماعة الصحة تتهم الأطراف المحيطة بالوزير الأول بأنها المسؤولة عن تقديم معلومات مغلوطة، أي بالمفهوم العام الذي يستخدم من باب عدم المساس ب ''الشاف'' والزعيم أن الحاشية سيئة، وهو جيد، وهذا الكلام غير صحيح إطلاقا ولا يعتد به، لأن تلك الدوائر موجودة في كل الأحوال بموافقة المسؤول ويعرف سرها ونجواها مثلما تعرفه هو. وعندما توجه الاتهامات عادة للدوائر والمحيط (والمثلث) والمربع وكل الأشكال الهندسية المحيطة بالمسؤول، ويخرج هو دائما كالشعرة من العجين، فإن ذلك يلخص رؤية قديمة جدا لنوع من المعارضة المحتشمة والباهتة التي لا تقوى على مجابهة الخصم، ولو كانت على حق. فإذا نظرنا إلى حالة أويحيى مع السلك الطبي أو أويحيى مع السلك التربوي الذي يشحذ سكاكينه قريبا من جديد، فإن الرجل لا تخفى عليه خافية، وليس هو ممن يمكنهم أن يغالطوه وإن حدث هذا فإنه لا يكون إلا من باب سياسة تبادل الأدوار أو الكذب على النفس.