أنتم الذين تعانون وتريدون حل مشاكلكم بالتي هي أحسن أو التي هي أقبح الحل بين أيديكم! أبحثوا لكم عن دوكار أي حمال ميناء يرأسكم ويقود نقابتكم ولاتعصوا له أمرا.. حتى إن قال لكم إر!! عمل العسل... وعمل البصل!! أما إر فهي لغة الحمار ويفهمها تقريبا في كل مكان ينطق فيه العربان وبالمختصر المفيد، فهي عنوان للكلام غير اللائق ولا أقول الفاحش مما يدور على لسان الحمال أي الدوكار، وهو يعمل أو يداعب أو يتسلى أو حتى فصار، كما يفعل معظم عمال الجزائر ومعهم معشر الفلاحين والمعلمين والأطباء والسائقين والمخربشين المسمون مجازا صحفيين! والحق أن هذا ليس تجني على معشر الدواكرة، فهو في كل مكان يحط فيه بما فيها روتردام أكبر موانئ أوربا لا يبدأ الكلام إلاّ من تحت الحزام... ويعتبر ذلك أدبا وحسن خلق واحتراما، ولهذا يقال إنهم مع بقية الثلة: عمال المناجم من أقبح عباد الرحمان... إن قالوا أمرا أنفذوه وإن شقوا عصا الطاعة قام لهم السلطان يجري ويلهث فيعدهم بأعذب اللسان قبل أن يأمر بأخذ مطالبهم (الحقيقية والمصطنعة) كاملة دون نقصان! فالقول ماقال الدواكرة الذين هم بلغة حومة الرعيان اشواكرة! وعندما تقول الأخبار (الاجتماعية والاقتصادية) إن هؤلاء ألزموا حكومة الوزير الأول والأخير دائما أحمد أويحيي حده، بعد أن هددوا بالدخول في إضراب في اليوم الأول لاستلام الإماراتيين مهمة تسيير البور والبابور الذي يحيا عليه البعض ويموت أكثر من الحانوت، يكون هؤلاء قد حققوا نصرا لامثيل له بالنظر إلى تلك التي حققها غيرهم من حملة الأقلام، وليس من حمل الأثقال ولو على ظهور ماكينات قلصت حجم الأتعاب واختصرت الزمن الذي يجعل الدوكار منهكا متعبا، والدواكرة لمن لايعرف أجرتهم بعد أكثر العمال دهاء، يتظاهرون بأنهم ضعفاء وفي الواقع يحصلون على شهرية مذهلة، ناهيك عن علاوات وامتيازات تصل على الأقل إلى ثمانية، بما فيها الحق في الكبش كل عام! وهذا مستوى لم يبلغه كثير من عمال الدولة ممن يعملون أكثر ويتعرضون لمراقبة أشد. فهل تكون قوة هؤلاء الدواكرة ناتجة عن قوة نقابتهم التي تمثلهم وتدافع عنهم، أم لطبيعة سلوكهم العدواني، أم إن طبيعة المكان الذي يعملون فيه هو سبب قوتهم؟ على أساس أن الذي يعمل في العسل، ليس كالذي يعمل في البصل؟ وإن كان الإثنان يغمسان واحد يمص والآخر يشم! .. باليمين.. وباليسار! الميناء في دولة كالجزائر كان إسمها كعبة الثوار، يعيش على كل ما ينتجه الخارج من خيرات، ولهذا أصبحت كعبة للتجار بعد أن اندثر الثوار أو انقلبوا على أعقابهم، أو حتى صاروا حركى بلا نخوة ولا شرف ولا كرامة. وبالتالي يصبح العامل في كعبة التجار رقما مهما، فالبضاعة تمر على يده الميمونة، وبإمكانه أن يخذلها كما خذلنا أصحاب القرار! ومن هذا الباب يكتسب سلطته، مستلهما من تاريخ الدواكرة، حين كانوا يحملون الأثقال على ظهورهم والأسفار كما كان يحمل الحمار! وهو الأمر الذي مازالوا يعيشون عليه، ويبتزون باسمه، كما يبتزون المجاهدون وأولادهم باسم الثورة والثوار! وهذا الأمر قد لايكون متوفرا في غير الميناء بالطبع.. فهاهم الأطباء أصحاب الجبة البيضاء كالمعلمين لاينقطعون عن شن إضراب محدد في شكل غارة (غير جوية) قبل أن يعاودوا الدخول إليها هذه أعوام، ولم يحصلوا إلا على بطاقات حمراء من المسؤولون قاطعين باليمين (وباليسار) أيضا بألا يضيفوا لهم سنتما واحدا، لأن الذي زادوهم يكفيهم، بالنظر إلى أن خدمتهم العمومية (زعمة) لاتستحق أي مكافأة إضافية... فهم يبزنسون في المرضى وفي الأدوية وحتى في التجهيزات، ناسين أن مهمتهم إنسانية، وليست كمهمة الدواكرة مثلا! الكفاح من أجل البطن أولا وأخيرا، فأين الخلل الذي وجدته الحكومة لتتنطع أمامهم كالثور... في اعتماد هؤلاء المثقفين لغة الحوار بالتي هي أحسن أو التهديد غير الجاد أو في ضعف نقابتهم، رغم أن قطاع الصحة هو أول قطاع يحصي عددا أكبر من النقابات المتفرقة كالأغنام الشاردة من نصيب الذئب؟ والأطباء ليسوا وحدهم المسندة ظهورهم نحو الجدار في انتظار إطلاق رصاصة (الرحمة عليهم). فهناك المعلمون، والبوسطاجية وأساتذة الجامعات وبالطبع في الشركات العمومية، فكل هؤلاء القوم لهم أيضا نقابات وهي ترفع نفس الشعارات، وتواجه بنفس اللغة والوعيد والتهديد فالزيادة في الأجر لاتقدم ولاتؤخر، وطالما يسمع بها التجار يمكرون أكثر ويضيفون في الأسعار، هذه هي القاعدة ولاشيء غيرها، لأن التجار مثل الدواكرة تماما يتحينون الفرص كلما جاءت ويقدمون أنفسهم على أنهم مظلومين... وماظلمهم إلا الخارج أو الطقس البارد أو حتى الحار! وربما أحيانا بعض الإعصار! وكلها تكفي كأعذار ليستدلوا بها على ارتفاع الفواكه والخضار! فما الحل لكسر هذا الحصار المضروب على الجيوب؟ بعض عمال الطاكسي - وهي مهنة خاصة لوقت قريب- كان الطاكسيور'' يعتبر شخصا مشهورا و''امعلم'' في سيارته، وليس مجرد شيفور ربطوا حل مشاكلهم بمدى سعي الإدارة لإلغاء الضرائب التي سلطت عليهم كما يسلط عذاب القبر، فهذا أمر مهم بالنسبة لهم بعد أن زاحمهم في المهنة أصحاب حزب الفرود أي النقل الشعبي غير المرخص به! والحمد لله أن المرشح الأوفر حظا في الرئاسية، عجّل برفع منحة الطلبة قبل أن يبدأوا هم بطرح نفس الشرط للمشاركة في الانتخابات، وهو الذي حدث مع الفلاحين أيضا، خاصة أن المسمى فايد صالح زعيم الفلاحين الأحرار وليس زعيم المكسكتيين، أحصى لنا في الجزائر 71 مليون فلاح وليس 281 ألف كما يقول زعيم اتحاد الفلاحين عليوي، فهذا الرقم - إن صح يسمح لهؤلاء بانتخاب فلاح على رأس الدولة وحوله شركاء أو خماسين (في الواجهة على الأقل) وليس في الظل! فقد يكون الأمر أخطر مما تتصورون! الفرق حرف ت! الفرق بين الدوكار والدوكتار (كما ينطقها الفرنسيون) وليس الدكتور كما ينطقها العرب (من غير الخليجيين) حرف تاء، كأن يكون من تأنيث فقطاع الصحة كالتعليم مثلا غالبيته مؤنث... وهذا هو سبب ضعفه، حسبما يرى على الأقل بعض أصحاب الرأي المنقوص حول المرأة! ومادام أن الفرق في النطق والكتابة بسيط، فإن الأطباء يمكن أن يستنجدوا مثلا بدوكار ينتخبونه على طريقة أصحاب الجلدة المنفوخة مدة عام لكي يرأس نقابتهم.. ويعلمهم الزنباع أين يباع وماهو المقبول والمستطاع وغير المستطاع في كل مايطلبونه من الحكومة! والمهم من الأطباء - وقس عليه كل المخربشين- المضي قدما منزوعين من كل منطق وأفكار نحو الحد الأقصى من المطالب بواسطة الحد الأقصى من الأساليب، فهذه هي لغة أهل الدوكار إن اتبعتموها نجوتم بجلدكم، شرط ألا يكون بينهم خونة ومندسون ومن تشترى ذمتهم... في هذها لحالة سيفشل الدوكار وتسقط سياسته، وتذهبون كلكم الى نار جهنم الحكومة...حتى وإن بدت في هذه الأيام الانتخابية وهي تغازلكم بأنكم أسياد وأحرار في الشارع... وفي الدار وعندها أيضا تستقبلون استقبالا حارا (في انتظار الهريسة أو الفلفل الحار)، بعد أن تقضي وطرها وتلوذ بالفرار كالفار