أقر تقرير توماس مور الصادر هذا الشهر، أن ما وصفه ب''الإسلام الجزائري'' المعتدل كان من ضمن الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تراجع نشاط التنظيم الإرهابي المسمى بالقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وانكساره. وجاء هذا التقرير الأوروبي متزامنا مع تقرير أمريكي آخر يحذر من تجاهل الإسلاميين المعتدلين في المشهد السياسي العربي، لما قد يؤدي ذلك إلى تنامي ظاهرة التطرف. وكشف التقرير السنوي لمعهد توماس مور الصادر في العاشر من هذا الشهر عن تراجع ''حدة الإرهاب في الجزائر بين سنتي 2008 و ''2009 مقارنة بالسنوات السابقة التي شهدت تصعيدا غير مسبوق، ليخلص التقرير إلى أن ظاهرة ''ما يسمى بالقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي شهدت انكسارا''. وأشاد التقرير الأوروبي بالجهود التي تبذلها دول المغرب العربي في مجال مكافحة الإرهاب وعلى رأسها الجزائر. وفي سياق حديثه عن التعاون والتنسيق الفعال في مجال مكافحة الإرهاب لدى الدول المغاربية، أشار أصحاب التقرير إلى العديد من الاتفاقيات التي أبرمتها الجزائر مع جيرانها على غرار تونس ومالي وليبيا. واستشهد تقرير توماس مور الذي ورد بعنوان من أجل أمن مستدام بالمنطقة المغاربية بما صرح به ممثل الجنرال وليام إيد وارد، قائد القيادة العسكرية الأمريكية لإفريقيا أفريكوم، حين أشاد بالقرار الذي أعلنت عنه الجزائر وليبيا ومالي في جويلية 2009 الرامي إلى التعاون بين هيئاتها العسكرية والاستخباراتية لمكافحة الإرهاب في شريط الساحل والصحراء. وأورد التقرير الصادر بالمعهد الأوروبي الشهير توماس مور أربعة أسباب لتراجع نشاط القاعدة أجملها في اعتدال ''الإسلام المغاربي'' مما شكل -حسبه- ''حصنا ثقافيا ودينيا'' ضد الإرهاب، وكذا التدابير التي اتخذتها الحكومة الجزائرية والتي كانت بشكل عام فعالة في محاربتها الظاهرة، يضاف إلى ذلك أن هجومات ما يسمى بالقاعدة ضد السنيين في العراق لطخت صورة هذه المنظمة الإرهابية بالمنطقة المغاربية، فضلا عن أن الممارسات التي لجأت إليها التنظيمات الإرهابية خاصة العمليات الانتحارية، ساهمت في تراجع المغرر بهم على اعتبار أنها ممارسات غريبة عن التقاليد المحلية، مما افشل محاولة زرع هذه الأساليب في المنطقة. كما أكد التقرير أن الجزائر تمكنت من تجفيف منابع الإرهاب وكبح امتدادات ما يسمى بالقاعدة رغم انتقال ''مركز ثقل الإرهاب من الوسط إلى الجنوب''. وجاء هذا التقرير متازمنا مع تقرير أمريكي آخر يحذر من تجاهل الإسلاميين المعتدلين في المشهد السياسي العربي لما قد يؤدي ذلك إلى تنامي التطرف، حسبما أورد الأسبوع الماضي موقع واشنطن، ذاكرا بعض البلدان العربية منها مصر والجزائر. والى جانب إقرار تقرير توماس موس بتراجع الإرهاب وقدرة الجزائر على تجفيف منابعه، بالنظر لطبيعة الإسلام المغاربي المعتدل، فقد فقد عرج التقرير على واقع اتحاد المغرب المعربي، مشيرا في هذا السياق إلى إشكالية الصحراء الغربية وكذا ملف فتح الحدود مع المغرب وهي الملفات التي لا تتحمل الجزائر مسؤولية بقائها تراوح مكانها، إذ بالنسبة لمشكلة الصحراء الموقف الجزائري لازال منسجما مع مبدأ تقرير المصير والحل في إطار القانون الدولي وما تقره مبادئ الأممالمتحدة. بينما ترى الجزائر أن فتح الحدود مع المغرب لا ينبغي أن تحكمه الميزاجية التي كانت ضحية لها حين قررت الرباط غلق حدودها في وجه الجزائريين سنة 94 بسبب تفجيرات مراكش التي اتهمت فيها المغرب، الجزائر زورا بتدبير التفجيرات الإرهابية.