علمت ''البلاد'' من مصادر قضائية، أمس، أن العدالة ستستدعي قريبا عددا من إطارات ''سوناطراك'' السابقين والحالين، للاستماع إليهم في قضية صرف الأموال المخصصة لتحضير وتسيير مؤتمر الغاز المنعقد قبل أيام بولاية وهران، والتي أثارت زوبعة من الانتقادات والتشكيك في وسائل الإعلام على خلفية المبالغ الضخمة التي جرى الإعلان عنها. وكانت شركة سوناطراك قد عينت قبل ذلك لجنة للتحقيق والتدقيق في وجهة الأموال التي صرفت للتحضير لمؤتمر ''الجي أن أل'' الذي احتضنته الجزائر. وجاء تحرك الشركة مباشرة بعد تعيين شرواطي مديرا عاما جديدا على رأسها مؤخرا، خصوصا أن تحريات الأجهزة الأمنية كشفت تورط القائمين على تحضير المؤتمر في صفقات أثبت التحقيق أنه جرى من خلالها تضخيم فواتير الصرف المرتبطة بإنجاز وتجهيز مركز المؤتمرات وفندق الخمس نجوم ''ميريديا''، فضلا عن المبالغ المالية التي صرفت لتهيئة الطريق وتخصيص فنادق عائمة لاستضافة المشاركين، حيث بلغت قيمة المبالغ المالية المصروفة حسب ما تسرب من معلومات ال800 مليون دولار. وتحقق الأجهزة الأمنية منذ فترة في العديد من الصفقات الخاصة بشركة سوناطراك عقب تفجر فضيحة مكاتب الدراسات واستغلال إطارات بالمديرية العامة للشركة المال العام لأغراض شخصية. وهي الفضيحة التي طالت عددا من الرؤوس الكبيرة في المجمع النفطي العملاق، بينهم المدير العام السابق محمد مزيان، الموضوع تحت الرقابة القضائية واثنان من أبنائه وعدد من الإطارات المعروفة ممن تم وضعهم رهن الحبس المؤقت. وتفيد المعلومات المتوفرة بأن عبد الحفيظ فغولي الذي شغل منصب المدير العام بالنيابة خلفا لمحمد مزيان الموجود تحت الرقابة القضائية، هو من كان وراء تعيين لجنة التحقيق في حسابات وميزانية المؤتمر الذي أشرف عليه هو شخصيا. لكن مصادر متطابقة ترى أن تحرك فغولي الذي حرم من منصب داخل الشركة، عقب الإعلان عن تشكيلتها الجديدة جاء متأخرا، على اعتبار أن الملف تم تحريكه من قبل الأجهزة الأمنية على خلفية رسالة تلقتها هذه الأخيرة تتضمن الكشف عن وجود تلاعبات في تسيير أموال تحضير المؤتمر المذكور. والمعروف أن عبد الحفيظ فغولي، الذي شغل منصب مدير فرع ''أفال'' للمنشآت في سوناطراك بوهران، كان وراء توقيع وثائق عقد تسيير فندق مركز المؤتمرات باعتباره نائب رئيس النشاطات البعدية مع الشبكة الفندقية الدولية ''ستاروود'' بالجزائر، وتضمن العقد تسيير الفندق لمدة 30 سنة وتساعد سوناطراك في تنفيذ عقد تصميم وإنجاز الفندق. كما يحدد العقد أيضا الشروط التي ستمارس فيها سوناطراك لمدة 30 سنة حق استعمال العلامة التجارية ''لو ميرديان''. وبموجب العقد تم الاتفاق على إنجاز المجموعة الإسبانية ''أو أش أل'' قصرا للمؤتمرات وقصرا للمعارض وفندقا فخما. وقدرت التكلفة الإجمالية للمشروع آنذاك ب400 مليون دولار، وتم توقيع العقد في عهد المدير العام السابق محمد مزيان. وربطت مصادر ذات صلة التحقيق في قضية وجهة أموال التحضير لمؤتمر الغاز الطبيعي العالمي بوهران مع قضية إبرام صفقة مشبوهة خاصة بتجهيزات مكتبية وصلت قيمتها إلى حوالي 300 مليار سنتيم بفرع ''أفال'' وهي الفضيحة التي أطاحت ب13 مسؤولا بها. وكان قاضي التحقيق لدى محكمة وهران قد أمر، نهاية الشهر الفارط، بإيداع مدير الإدارة العامة رهن الحبس المؤقت رفقة ستة إطارات وعدد آخر موجود تحت الرقابة القضائية، في حين تم الإفراج عن امرأتين شغلتا مناصب مسؤولة بالفرع بصفة مؤقتة ولم تستبعد مصادر قضائية توسع التحقيق في القضية ليشمل مسؤولين سابقين وحاليا أيضا بفرع ''أفال'' للمنشآت بشركة سوناطراك.