كشف وزير الداخلية الفرنسي السابق، جون بيار شوفانمان، عن عزمه القيام بزيارة إلى الجزائر خلال شهر سبتمبر المقبل، معلنا عن نيته الترشح لرئاسيات 2012 بفرنسا واهتمامه البالغ برفع ''الجمود'' عن العلاقات الفرانكوجزائرية أكد شوفانمان، في حوار ل''صحيفة الأحد'' الفرنسية أمس، أن زيارته المرتقبة للجزائر تندرج في قالب ثقافي بحت وباسمه الشخصي، قائلا: ''أنا لا أحمل أي تكليف للقيام بمهمة رسمية وإنما سألقي محاضرتين بولايتي الجزائر العاصمة ووهران''. وأشاد عضو مجلس الشيوخ الفرنسي بالعلاقة المتينة التي تجمعه بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة منذ عدة سنوات، وتحديدا منذ عام 1962 عندما كان يشغل منصب وزير في عهد أحمد بن بلة، مشيرا إلى أنه سيلتقي أشخاصا يعرفهم جيدا، دون أن يكشف عن هويتهم وهو ما يعطي انطباعا بأن شوفنمان سيقابل جهات فاعلة ورفيعة المستوى بالجزائر. وبالرغم من أن رئيس الحركة من أجل الجمهورية والمواطن، الذي ساهم في إعادة بعث الدفء للعلاقات الفرانكوجزائرية في الفترة الممتدة ما بين 1997 و,2000 قد تحاشى إثارة أسباب تشنج العلاقات بين باريس والجزائر والغوص في دهاليز السياسة ''الساركوزية'' المنتهجة تجاه البلاد، إلا أن زيارته المنتظرة شهر ديسمبر الداخل تحمل العديد من الدلالات والخلفيات التي ترتبط في مجملها بالعزف على نغمة ''القضايا الجزائرية الفرنسية'' والنفخ في بوق الأزمة بين البلدين لاقتحام السباق الرئاسي الفرنسي المنتظر في 2012 من بابه الواسع. ويسعى شوفانمان، الذي سيترشح للانتخابات الرئاسية الفرنسية مستقبلا، إلى تشديد القبضة على أصوات الجالية الجزائرية بفرنسا والتي تقدر بحوالي خمسة ملايين نسمة ليرسم بذلك الخطوط العريضة لحملته الانتخابية التي سيقودها على ''أنقاض'' سياسة ساركوزي الذي لم يفلح في ''صيانة'' إرث الرئيس السابق، جاك شيراك، فيما يتعلق بالعلاقات بين قصري المرادية والإليزيه، وهو المنحى نفسه الذي اتخذه الوزير الأول الفرنسي سابقا، دومينيك دوفيلبان، ل ''مغازلة'' غريمه نيكولا ساركوزي في الرئاسيات المقبلة حيث أولى أهمية قصوى لمعاهدة الصداقة مع الجزائر. ويرى المتتبعون للشأن الجزائري الفرنسي أن توافد العديد من المسؤولين الفرنسيين إلى الجزائر في الفترة التي أعقبت قمة ''فرنسا إفريقيا'' المنعقدة بمدينة نيس الفرنسية، يحمل دلالة عميقة على جدية المحادثات التي جرت خلال اللقاء الذي جمع الرئيس بوتفليقة ونظيره الفرنسي الذي يسعى جاهدا إلى إذابة الجليد المتراكم بفعل القضايا العالقة بين البلدين، وهو ما تعكسه تماما الزيارة التي قادت كلا من الأمين العام لقصر الإليزيه كلود غيان، والمستشار الدبلوماسي لساركوزي دافيد لوفيت، بالإضافة إلى رئيس المجلس الفرنسي للهجرة، جاك توبون، مؤخرا إلى الجزائر. وتؤكد المعطيات المذكورة أن رغبة باريس في تطبيع العلاقات مع الجزائر و''ترطيبها'' ليست وليدة الصدفة، وإنما تعتبر خطوة مدروسة بإتقان للظفر بالقسط الأوفر من ''كعكة'' المخطط الخماسي الجديد بقيمة 286 مليار دولار، وهو الغلاف المالي الذي أسال لعاب الكثير من الشركات الأجنبية وأضحى موضع منافسة بينها.