تعود العلاقات الجزائرية الفرنسية مرة أخرى إلى مربع "الجمود" عقب "الحماقة" السياسية التي ارتكبها فرانسوا هولاند خلال حفل أقيم بمناسبة الاحتفال بعيد 70 ل "الكريف" المعروف بالمجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا ، الذي يشكل أقوى لوبيات اليهود هناك. هولاند خاطب وزير الداخلية مانويل فالس "أظن أن فالس بصدد الذهاب من أجل زيارة الجزائر"، قبل أن يصحح كلامه "بل عاد من الجزائر، سالما، وهذا بحد ذاته شيء كبير" ، وكان يقصد بلغة ساخرة أنّ عودته من الجزائر سالما دون أن يحدث له أي شيء انجاز كبير. هذه الجملة في حد ذاتها شكّلت نقطة توتر شعبي في الجزائر ، ذكرتنا بسنوات منتصف العشرية الماضية التي أعقبت المصادقة على قانون تمجيد الاستعمار ، وعلى الرغم من أن الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند للجزائر في مثل هذا الوقت من العام الماضي و التي أدت إلى تحسين وضع العلاقات الثنائية بين البلدين سياسيا واقتصاديا وتاريخيا ن فإن "حماقة" هولاند هذه المرة تكون قد جرّت العلاقات مع الجزائر إلى منحى آخر قد يعبر بها كافة منحنيات الخلافات التي رت بها خلال العشر سنوات الماضية . ولا يبدو أن الشارع في الجزائر سيتسامح مع هذه الخرجات الفرنسية القبيحة الخارجة عن النص السياسي المتعارف عليه في العلاقات بين الدول ، حتى لو حاولت السلطة تجاوز ما يصفه الفرنسيون بزلة لسان رسمية ، والسلطة مستعدة لتجاوز هذا الأمر، لكن ضغوطات الشارع قد تدفعها من جهة أخرى لاستثمار حماقة هولاند في الترويج السياسي والانتخابي المتزامن مع الانتخابات الرئاسية وحملتها التي تتطلب الكثير من الحطب والمزيد من الوقود. لقد زلت العلاقات الجزائرية الفرنسية رهينة مزاج الإليزيه وحساباته في إقامة توازن "صوري" بين الجزائر والمغرب من جهة ورؤيته للمنافسة الأمريكية والبريطانية له في شمال افريقيا ، هذه الحسابات تجد بعض المصداقية فيما قامت به الديبلوماسية الفرنسية هذا العام من مناورات و لعب ثنائي فقد حاولت جر المغرب نحو الفضاء المالي مثلما حاولت أن تجد له موطئ قدم في منطقة الساحل ، والمغرب هو البلد الذي سمح للطائرات الفرنسية بعبور أجوائه ليلة الهجوم على جنوبمالي ، لذلك دافعت فرنسا كثيرا هذا العام عن دور مغربي في المنطقة ، وفي جانب آخر من وجه الحسابات الفرنسية ، فإن باريس تلعب على الجبهة الداخلية في الجزائر فهي تدرك أن حالة من الترقب تسود الشارع الجزائري ، والسلطة لازالت لم تحسم بشكل علني على الأقل في خياراتها لرئاسيات 2014 ، ولباريس الوقت الكافي لفعل ما تراه مناسبا لها ولمصالحها حتى لو كان ذلك عن طريق الدعابة الفرنسية على لسان "أحمق" الإليزيه" هذا الذي يعبث بمستقبل علاقات جد حساسة قال إنه حريص على الوصول بها إلى بر الأمان في أكثر من مناسبة وخطاب. ومن الواضح أن خرجة "هولاند" أو خروجه عن النص له حسابات وعواقب قد تتجسد في المزيد من الجمود السياسي . ع. بارودي