الخوف من المواجهات يدفع نحو تأجيل عملية الترحيل أجرت وزارة الداخلية والجماعات المحلية، تحقيقا حول الأحياء القصديرية والسكنات الهشة المنتظر أن يتم ترحيل سكانها قريبا، وذلك بهدف بحث سبل تفادي تكرار ما اصطلح عليه بحرب العصابات داخل الأحياء الجديدة المنتظر أن تستقبلهم. واستعانت وزارة الداخلية والجماعات المحلية، حسب ما علمته "البلاد"، بالتقارير الأمنية بالإضافة للمختصين في علم الاجتماع، والتركيز على الدراسات السكانية والأخلاقيات الاجتماعية وعلم الإجرام، في محاولة لفهم سلوك سكان الأحياء القصديرية والسكنات الهشة. وحسب ما علمته "البلاد" فإن تأخر عملية الترحيل وإعادة الإسكان عبر مختلف ولايات الوطن راجع لعدم اكتمال هذه الدراسة، ومن المنتظر أن تقدم نسخة من هذه الدراسة والتقارير للسلطات العليا للبلد وعلى رأسها الوزير الأول، عبد المالك سلال، ووزير السكن والعمران والمدينة، عبد المجيد تبون، بالإضافة إلى وزير الداخلية والجماعات المحلية الطيب بلعيز. وتضيف مصادر "البلاد" أن أبرز التوصيات التي سيحملها هذا التقرير تتمثل في ضرورة تفريق سكان هذه الأحياء القصديرية والسكنات الهشة على مجموعة من الأحياء الجديدة، حتى لا تتشكل لديهم "الحمية والعصبية" أو ما يصطلحون على تسميته ب"الحومة أو أولاد الحومة" الأمر الذي ينجر عنه العديد من الصراعات التي يقودها في أغلب الأحيان شباب مسبوقون قضائيا، كما تتمثل هذه التوصيات التي ترفع إلى وزارة الداخلية بدعوة المجتمع والمسؤولين للتحرك للحد من هذه السلوكيات الخطيرة التي تترتب عنها جرائم عديدة وذلك بتوفير مراكز ثقافية ورياضية في الأحياء، بالإضافة للمراكز الأمنية. وفي هذا السياق سبق لوزير السكن تبون في العديد من المحطات أن أكد على عدم استلام الأحياء الجديدة في حال لم يتم استلام كل المرافق المبرمجة من بينها مراكز الأمن والمدارس والمراكز الثقافية والمصليات، كما تشمل توصيات التقرير الذي سيسلم للسلطات العليا ضرورة القيام بحملات تحسيسية خاصة من جانب الجمعيات لتربية أبناء الحي وغرس في أذهانهم ثقافات حضارية كحسن الجوار وتنظيم مباريات ودية ومسابقات هادفة بين الأحياء لتفادي وقوع هذه المشاكل الخطيرة، كما سيتم إشراك أئمة المساجد الموجودة على مستوى هذا الحي ودعوتهم إلى بلورة خطاب يدعو للتهدئة وحسن الجوار ونبذ العنف باعتباره دخيلا على ثقافة وديانة المجتمع الجزائري. وللإشارة، أوضحت مصالح الشرطة سابقا أن "هذه الشجارات عادة ما تحدث في الأحياء الجديدة"، وأشارت إلى أن مصالح الأمن تراقب عن كثب هذه الأحياء وفور وقوع أي مشكل بها تتدخل بسرعة لفض النزاع والوقوف على أسبابه. وبلغة الأرقام، كشف رئيس أمن ولاية الجزائر العاصمة، عميد أول للشرطة، نور الدين براشدي، أنه تم خلال ال10 أشهر الأخيرة معالجة 5 قضايا فقط، ما اعتبره انخفاضا محسوسا لهذه الظاهرة، كما رفض المتحدث القول إن هناك أحياء صعبة خارجة عن سيطرة مصالح الأمن. كما تشير أرقام الدرك الوطني خلال الربع الأول من العام الجاري إلى تسجيل 1807 قضية ضرب وجرح عمدي تورط فيها 2530 شخصا، تأتي قضايا الضرب والجرح العمدي في المقدمة وتنتشر في المدن الكبرى وفي الوسط الحضري بالدرجة الأولى، باستعمال جميع الوسائل.