''أدركت في النهاية أنني أسلك طريقا خاطئا وغير موصل إلى رضوان الله تعالى'' ذلك هو جوهر رسالة ''الأمير أبو العباس''، الضابط الشرعي ل''الجماعة السلفية''، بعد حوالي 17 سنة قضاها في الجبال، وهي ليست الاعترافات الأولى من نوعها، فقد سبق للكثير من أمراء و''منظري'' مختلف الجماعات المسلحة ممن ''تابوا وتراجعوا''، أن وجهوا رسائل مماثلة لرفقائهم السابقين وعادوا بعد ذلك إلى رحاب المجتمع والدولة في إطار سياسة المصالحة التي أقرتها الدولة وزكاها الشعب. ليس من السهل أن يراجع الإنسان نفسه ويعترف بالخطأ ويعلن بذلك، لكن ماذا أضافت هذه التصريحات، وهل اخترع ''أبو العباس''ومن سبقوه البارود، وأعادوا اكتشاف حقيقة الإسلام وضلال المتاجرين باسمه حين دعوا بقايا ''المغرر بهم'' إلى تسليم أنفسهم وعدم إعطاء ''أعداء الإسلام ما يسندهم في افتراءاتهم على الإسلام وأهله وأنه دين وحشية وقسوة وعداوة للإنسانية''، وهل يجزيهم ذلك عما ارتكبوه في حق دينهم ودولتهم وشعبهم وأمتهم. هل يكفي أن يكتبوا رسالة ويقدموا اعترافات بالندم، ثم تطوى الصفحة وكأن شيئا لم يحدث؟ لم يكن من السهل على الجزائريين طي صفحة العشرية السوداء وتبني المصالحة الوطنية و''العفو عما سلف''، كما لم يكن سهلا على الدولة ومؤسساتها ورجالها تبني المصالحة ذاتها والدفاع عنها، فمنطق الدولة قد يفرض على المسؤول في موقعه أن يتجرد من بعض قناعاته وعواطفه واتخاذ إجراءات قد لا يفهمها عامة الناس تصب في مصلحة الدولة والشعب معا.. لكن الموقف اليوم يدعو إلى نقاش اجتماعي حول تداعيات فسياسة اللاعقاب'' على البناء النفسي والقيمي للجزائريين. ودون التراجع عن سياسة الوئام والمصالحة، نحتاج اليوم إلى التفكير في ضوابط وقواعد حتى لا يعتقد المتهرب من الضرائب، والقاتل في الجبال، والمجرم في السجن، ومغتصبو الأطفال، أن الدولة ستتسامح معهم ويكفيهم مجرد ''دمعة على الخد'' لإثارة العاطفة المعهودة لدى الجزائريين..