تنطلق اليوم، المشاورات الرسمية بشأن تعديل الدستور الذي طرحت الحكومة مسودته للأحزاب والشخصيات المدعوة للتشاور، وسط تباين في المواقف بين قادة المعارضة ودعم مطلق من الموالاة، فقد أعلن 52 حزبا سياسيا و30 شخصية مشاركته، بينما اعتذر 12 حزبا و6 شخصيات وطنية عن تلبية الدعوة وقرروا المقاطعة. ويقود رئيس الحكومة السابق ومدير ديوان رئاسة الجمهورية أحمد أويحيى المشاورات التي تسعى السلطة من خلالها إلى أن تكون توافقية النتائج، إلا أن المقدمات تؤكد حدوث شرخ واسع بين طرح السلطة ورؤية المعارضة لمسار المشاورات التي تريدها حوارا وليست ذات طابع استشاري غير ملزم للسلطة، هذه الأخيرة التي انفردت بمبادرة التعديل وبآليات هذه العملية والمؤكد أن نهايتها ستكون بالشكل الذي يريده رجال قصر المرادية. مهمة تعديل الدستور التي تطرحها السلطة كاستحقاق رئيسي خلال العهدة الرابعة بدت تسير نحو زاوية واحدة، حيث لقيت انتقادات واسعة من الكتلة الحزبية والسياسية المعارضة للطرح الحالي الذي جاءت به السلطة لتعديل الدستور، ولم يمنع العدد الكبير للأحزاب والشخصيات المشاركة في المشاورات من ظهور أطروحات سياسية معارضة لما يتم تداوله من تعديلات بواسطة مسودة الدستور التي ألقت بها الحكومة لكافة الأحزاب والشخصيات وللرأي العام الوطني، ويرى حزب الحرية والعدالة لصاحبه عبد الله جاب الله مثلا أن التوصل إلى مشاورات بشأن دستور توافقي يتطلب تأجيل هذه المشاورات إلى حين انتهاء الأحزاب والقوى السياسية من إعداد ورقة واضحة تخص الدستور التوافقي، موضحا أن "نجاح المراجعة الدستورية مرهون بتحقيق أوسع توافق" وأن مشاورات الأمر الواقع من شأنها أن تضعف حظوظ التوافق الذي تراهن عليه السلطة، لكن المعطيات المتوفرة مبدئيا تؤكد أن السلطة ستذهب نحو تعديل الدستور بمن حضر من المعارضة والموالاة، في غياب شخصيات سياسية من أمثال رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش والمترشح السابق للرئاسيات علي بن فليس وأحمد طالب الإبرهيمي، وأحمد بن بيتور، وسيد أحمد غزالي والرئيس السابق ليامين زروال وغيرهم من الأسماء السياسية في بلادنا، كل هذا يترك انطباعا سلبيا بأن السلطة تعد لتعديل الدستور برؤيتها الخاصة، وهي بذلك تكتفي بالمشاورات أو الاستشارات دون الحوار المتعارف عليه في تعديل الدستور، كإنشاء لجنة أو هيئة وطنية من هذه الشخصيات مهمتها تدوين الاقتراحات والتعديلات والخروج بدستور توافقي تجتمع حوله كافة الألوان السياسية في المجتمع.