لا تنحصر أهمية الاتفاق الذي توصلت إليه كل من الحركة الوطنية لتحرير الأزواد والمجلس الأعلى لتوحيد الأزواد والحركة العربية للأزواد في "إعلان الجزائر" الذي أكدت من خلاله مجددا إرادتها في العمل على "تعزيز ديناميكية التهدئة الجارية" ومباشرة الحوار "الشامل" بين الماليين، على أنه بداية انفراج الأزمة في شمال مالي فحسب التقاء الفاعلين الرئيسيين في الميدان على أرضية واحدة تمهد لمصالحة وطنية تشارك فيها حكومة باماكو، بل لديها الكثير من الدلالات الإيجابية على صعيد أزمة الدبلوماسيين الجزائريين المختطفين في شمال مالي، الذين مر ما يفوق السنتين على وقوعهم في قبضة إحدى الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. ومصدر الأمل في أن يؤدي توقيع إعلان الجزائر من طرف الحركات الثلاث هو أن هذه التنظيمات تمثل التركيبة الاجتماعية والقبلية في المنطقة، من طوارق وعرب، وبالتالي فإن تأثيرها على الجماعة الخاطفة والضغط عليها في اتجاه إطلاق سراح طاقم قنصلية الجزائر في غاو سابقا. فقبول الجماعات الثلاث بالوساطة الجزائرية على طول شهور، توجت بلقاء ثلاثي جمع قيادتها بالجزائر العاصمة على مدار أيام يشير إلى أنها تبارك دور الجزائر واقتنعت بالضمانات المقدمة لبدء الحوار والتوقيع على الإعلان، يشير إلى أن تقاربا كبيرا قد حصل بين الطرفين. ومن دون شك فإن السلطات الجزائرية حاولت استثمار تواجد قيادات الفصائل الثلاث الذين لديهم اتصالات ومعلومات عن الوضع الميداني للأقاليم الشمالية في مالي، في طلب تعاونهم في تقديم معلومات عن وضعية الدبلوماسيين، وحتى في التوسط لدى الجماعة الخاطفة والضغط عليها لإطلاق سراحهم. وكان ملاحظا في الأشهر الماضية تزامن تصريحات وزارة الخارجية حول سلامة الدبلوماسيين، ووصول جهود الإفراج عليهم إلى مراحل جد متقدمة، مع التوقيع على تتويج جهود الدبلوماسية الجزائرية بالتوقيع على الإعلان الذي يمهد لمحادثات المصالحة الوطنية. وكذلك ارتفاع نسبة التفاؤل في تصريحات لعمامرة أو الناطقين باسم الخارجية خلال الأشهر التي بدأت فيها أولى خطوات الوساطة الجزائرية، حيث كانت تصدر طمأنة دورية على أن أخبار مؤكدة وصلت تفيد بسلامة الطاقم الدبلوماسي المختطف، مع التأكيد على أن دفع الفدية هو ليس من الخيارات المطروحة لحل هذه الأزمة التي دامت أكثر من سنتين.