يبدو أن العمليات الجوية التي يقوم بها الجيش الأمريكي في العراق ضد ما تعرف بالدولة الإسلامية المشهورة باسم "داعش" في شمال العراق، بدأت تلقي بآثارها الأمنية على دول المغرب العربي، وهي التي تقع في مسافة بعيدة عن مسرح العمليات العسكرية، إلا أن ما سربته وسائل إعلام دولية عن المخابرات الغربية أكد أن الأهداف الغربية من الممكن أن تكون أهدافا جد محتملة في الحملة الانتقامية للتنظيم ضد العمليات العسكرية ضده، فقد نقلت صحيفة "يو آس آي توداي" الأمريكية عن نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي "بين رودز" تحذيره من تخطيط تنظيم داعش لمؤامرات ضد أهداف غربية في منطقة جغرافية تقع بعيدا عن تلك التي تشهد العمليات العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وهذا بالتنسيق مع الدول الغربية الحليفة، عبر استهداف مصالح الدول الغربية في منطقة شمال إفريقيا، مع استبعاد عمليات على شاكلة أحداث 11 سبتمبر 2001 أي سيناريو التفجيرات الكبيرة. وربطت الصحيفة بين تصريحات المسؤول الأمريكي وإعلان السلطات المغربية مؤخرا عن توقيف شبكة تابعة لما يعرف بالدولة الإسلامية كانت تحضر لتنفيذ هجمات داخل المغرب أو دول الجوار ضد أهداف غربية، معظمهم كانوا في سوريا، حيث خاضوا المعارك ضد جيش النظام هناك وتلقوا تدريبا عسكريا، ثم عادوا إلى وطنهم الأم في إطار استراتيجية التنظيم لنشر خلايا يستعملها وقت الحاجة. واعتبرت ال«يو آس آي توداي" أن التعزيزات الأمنية التي يقوم بها الجيش المغربي على حدوده الشرقية مع الجزائر والجنوبية مع موريطانيا تأتي في هذا الإطار منعا لتسلل العناصر الإرهابية عبر الحدود. وعلق نايجل اينكستر الضابط السابق في المخابرات البريطانية "إم 16" على التداعيات التي يجلبها تخطيط تنظيم داعش للانتقام في الدول المغاربية بأنه من الصعب حصر التداعيات الناجمة عن عودة المقاتلين الأجانب في الدولة الإسلامية إلى بلدانهم، واستعدادهم للامتثال إلى أوامر "الخليفة" قائد التنظيم وتنفيذ هجمات ضد مصالح هذه الدول والمصالح الأجنبية فيها، والوضع يشبه إلى حد كبير وضعية كبير المقاتلين في المناطق القبلية في باكستان، حيث يتواجد مقاتلون على درجة كبيرة من التدريب والاستعداد. واعتبرت التقارير أن أهداف داعش تتعدى الضفة الجنوبية للبحر المتوسط وإنما تمتد إلى القارة الأوربية، خاصة فرنسا من خلال استهداف الجالية المسلمة هناك التي تقدر ب5 ملايين شخص، مستدلة بتصريحات وزير الخارجية الفرنسي الذي أعطى إحصائيات حول عدد "الجهاديين الفرنسيين" الذين التحقوا بتنظيم الدولة الإسلامية في كل من العراقوسوريا ب900 شخص، مع محاولة التحاق عناصر جدد، آخرهم فتاتين مراهقتين حاولتا السفر إلى هناك. كانت صحيفة "وورلد تريبيون" الأمريكية قد كشفت قبل أيام عن حملة حثيثة لداعش يهدف من خلالها إلى تجنيد أكبر عدد من العناصر في دول شمال إفريقيا ومن بينها الجزائر من أجل وضع بنية تحتية للتنظيم في هذه المنطقة، وقد نجحت بالفعل في استقطاب التنظيم الإرهابي المسمى أنصار الشريعة الذي ينشط في كل من ليبيا وتونس، حيث أقسم على الولاء ل "الخليفة" أبو بكر البغدادي المتواجد حاليا في شمال العراق، بالإضافة إلى محاولة استمالة فصائل وتنظيمات أخرى تابعة لما يعرف بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي للانضمام إلى صفوف داعش.