اكتست، خلال السنوات الأخيرة، مراكز المساعدة الاجتماعية بشتى اختصاصاتها، أهمية بالغة في ظل متغيرات اقتصادية واجتماعية معينة، ولدت العديد من الحالات التي تحتاج إلى تكفل خاص على يد مؤهلين ومختصين في علم النفس وعلم الاجتماع. وقد زادت أهمية هذه الهياكل لارتباطها مباشرة بالعديد من الظواهر التي يفرزها المجتمع نتيجة عوامل معينة. وتعد باتنة من الولايات التي تضم العديد من الهياكل التابعة لمديرية النشاط الاجتماعي على غرار مصلحة المساعدة الاجتماعية المتنقلة الاستعجالية الكائن مقرها بحي كشيدة، والتي تقدم المساعدة الاجتماعية لعدد كبير من المحتاجين لها، من مختلف الفئات العمرية ومختلف أنواع الحاجة للتكفل بهذه الشرائح. وقد أكدت مديرة المصلحة السيدة محجوب حورية أن هذه المؤسسة التابعة لمديرية النشاط الاجتماعي والمستقلة ماليا، من أهم المراكز الناشطة في القطاع الاجتماعي، وذلك من خلال أهمية نشاطها لارتباطه بالفئات الهشة والمحرومة داخل المجتمع، وهي تضطلع بإسعاف الأشخاص المحتاجين وتوجيههم إلى مراكز الإيواء ومراكز العلاج بالتنسيق مع المؤسسات المعنية والاتصال بالحركة الجمعوية، والعمل على الإدماج العائلي للأشخاص المتواجدين في وضع اجتماعي صعب أو في شدة وتحديد احتياجاتهم الفورية، والتركيز على مساعدة الفئات الخاصة من خلال الأسرة والمجتمع، وهي تقوم بمهامها بالتنسيق مع مختلف الهيئات الإدارية والأمنية مثل المستشفيات وممصالح الامن ومصالح الحماية المدنية وغيرها. النساء العازبات أكثر ضحايا العنف الأسري .. وباستقرائنا نشاطات المؤسسة خلال السنة الماضية، نجد أنها تكفلت خلال السداسي الأول ب 71 امراة تعرضن لأنواع من العنف الأسري، منهن 33 امرأة عزباء و7 متزوجات و3 أرامل و4 نساء عاملات و16 أما عازبة بالإضافة إلى 16 طفلا. ويقسم المختصون في المؤسسة أنواع العنف الذي تتعرض له الضحايا إلى عنف جسدي وعنف معنوي وعنف اقتصادي، وهي الحالات التي تحتاج إلى عناية لكل منها على حدة على يد المختصين النفسانيين الذين وجدناهم بالمؤسسة في حوار دائم مع النزلاء ومحاولة للتعرف على حالتهن النفسية وطبيعة احتياجاتهن العاطفية والأسرية، حيث يوفر المركز مداومة أثناء النهار وأثناء الفترات الليلية للنزلاء، حيث اكدت إحدى المختصات النفسانيات أنها تعمل بالمركز من الساعة السابعة مساء إلى السابعة صباحا. الإدماج الأسري ولمّ الشمل العائلي من صميم مهام المصلحة وعلى صعيد التكفل والإدماج الخاص بالحالات الوافدة إلى مصلحة المساعدة الاجتماعية المتنقلة الاستعجالية فتتراوح حسب السيدة محجوب حورية بين الإصغاء والتوجيه والتكفل المؤسساتي والمساعدة المالية والمادية التي استفادت منها 35 حالة من مجموع 51 حالة بالإضافة إلى الإدماج العائلي الخاص ب 10 حالات، حيث تجري المؤسسة اتصالا بعائلات الحالات الوافدة بغية لمّ الشمل وتقديم التوجيه اللازم لأرباب الأسر من آباء وأمهات، بالإضافة إلى الإدماج الاقتصادي والعملي عن طريق الاستفادة من القروض المصغرة والإدماج عن طريق التكوين العلمي والعملي. وباستقراء الإحصائيات الخاصة بالسداسي الأول من السنة الجارية، نجد أن المصلحة تكفلت ب 61 رجلا، و92 امرأة و5 أطفال. التفكك الأسري وغياب الحوار من أهم مسببات اللجوء إلى الشارع وحسب الإحصائيات التي قامت بها المصلحة فإن أنواع العنف الذي تتعرض له المرأة بصفة خاصة والحالات الأخرى عامة، يتمثل في العنف الجسدي والعنف اللفظي والعنف الجنسي والعنف الاقتصادي، ويسجل ضحايا العنف في أماكن مختلفة مثل أماكن العمل وفي المنزل وفي الأماكن العمومية والشارع. وتشير مديرة المصلحة إلى أن غياب الحوار الأسري وحالات الطلاق والتفكك الاجتماعي من أهم مسببات حالات التشرد بدافع العنف وغياب المأوى الأسري والمحيط الاجتماعي المناسب للعيش، وهي الأسباب التي تطغى على كثير من الحلات الوافدة إلى المصلحة. كما أن غياب المستوى التعليمي حسب المتحدثة، يجعل المرأة خاصة تحت رحمة أنواع العنف المختلفة، حيث سجلت 28 ضحية للعنف من عديمات المستوى التعليمي حسب الإحصائيات التي قدمت لنا، تقابلها حالتان بالنسبة لذوات المستوى التعليمي الجامعي. زيادة معتبرة في عدد الأمهات العازبات خلال السنة الماضية اللافت للانتباه حسب الحصيلة السنوية الخاصة بالأمهات العازبات بالنسبة للسنة والماضية والسنة التي قبلها على مستوى مصلحة المساعدة الاجتماعية المتنقلة بباتنة، هو الزيادة المعتبرة في أعداد الأمهات العازبات، حيث بلغ العدد 5 أمهات عازبات أقمن بالمصلحة منهن حالة تم التكفل بها رفقة مولودها خلال سنة 2012، ليقفز العدد إلى 19 حالة أقامت بالمصلحة قبل وبعد الوضع و24 حالة تم التكفل بها رفقة مواليدهن بالمصلحة خلال السنة الماضية. ويرجع الارتفاع إلى نقص الوعي وغياب الثقافة الاجتماعية لدى الضحايا ووقوعهن تحت الإغراءات المختلفة. وتشير مختصة نفسية بالمصلحة إلى أن العديد من الحالات تفد من الأوساط الريفية لفتيات محدودات المستوى التعليمي. 740 نازحا إفريقيا تم التكفل بهم في المصلحة خلال 2013 ومن خلال ما عرفته باتنة من ظاهرة نزوح المهاجرين الأفارقة، وهي الظاهرة التي بدأت في التراجع نسبيا خلال الأشهر الأخيرة بالمقارنة مع السنة الماضية والسداسي الأول من السنة الجارية، فقد تم التكفل على مستوى المصلحة ب 740 مهاجرا إفريقيا من جنسية مالية ونيجرية أغلبهم من النساء والأطفال خلال السنة الماضية من مجموع 1048 حالة، وذلك بالتنسيق مع المصالح المختصةالتي حاولت إيجاد مناخ ملائم للنازحين الأفارقة قبل التزايد الكبير في أعدادهم مما استلزم القيام بعمليات ترحيل نحو الولايات الجنوبية لتسهيل رجوعهم إلى بلدانهم. وحسب مديرة المركز فقد استلزم التواجد الكبير للنازحين الأفارقة في المصلحة القيام بإجراءات وقائية معينة على اعتبار ما قد ينتج من أمراض معدية نتيجة ما يعانيه المهاجرون من نقص في النظافة وعدم المتابعة الطبية اللازمة. مديرة المركز السيدة محجوب حورية: "نسعى لتوفير الجو العائلي وتجنيب النزلاء جحيم الشارع" تؤكد السيدة محجوب حورية أن عملها في المركز رفقة الطاقم المرافق لها من عمال ومختصين نفسانيين واجتماعيين، يتجاوز القيام بالأعمال الإدارية وتوفير الوسائل المادية اللازمة وتوفير المتابعة النفسية والاجتماعية، إلى محاولة خلق الجو الأسري داخل المركز وهو ما يحتاجه كل وافد إليه حسب حالته، لاسيما أن المركز يستقبل حالات من المرضى المحتاجين إلى فترة نقاهة مثل مرضى السرطان وتصفية الدم والذين يأتون من المناطق النائية ومختلف الولايات المجاورة. وتضيف المتحدثة أنها تعمل رفقة الموظفين الآخرين على تجاوز المشاكل التي تصادفهم يوميا، ومنها المشاكل مع النزلاء أنفسهم، بالإضافة إلى توفير الدعم المادي والوسائل اللازمة التي تحاكي أو تفوق في كثير من الأحيان ما يجده النزيل في جوه الأسري المعتاد، بالإضافة إلى محاولة فصل الحالات عن بعضها البعض حسب نوعية الحاجة الصحية والنفسية والاجتماعية، وذلك رغم ضيق الهياكل المتوافرة، والتي يمكن حسب المتحدثة أن تتدعم بتوسعة معتبرة إن استغلت المساحة الشاغرة المحاذية للمصلحة. كما نوهت المتحدثة بالدور الكبير الذي تقوم به مصالح الشرطة بباتنة ومصالح الحماية المدنية إلى حد قيامهم بأعمال تطوعية خارج أوقات العمل حتى تقوم المصلحة بمهامها على أكمل وجه.