بدا مرتاحا غير قلق من خاطفيه، وأكثر من ذلك يضع آلة التصوير على صدره، ويرفع نظارته عن عينيه إلى مقدمة رأسه غير آبه بخطورة وضعه، هذه الملاحظات أثارت تعاليق وانتباه المتابعين وكل الذين شاهدوا فيديو إعلان جماعة مسلحة تسمى "جند الخلافة" تدّعي ولاءها لتنظيم "داعش" اختطاف الفرنسي "كوردال هيرفي بيار" من مواليد 12 سبتمبر 1959 المقيم بمدينة نيس الفرنسية، بمنطقة سياحية جبلية تقع بمنطقة تيكجدة على الحدود الفاصلة بين ولايتي تيزي وزو والبويرة. إعلان الاختطاف كان مثيرا في منظر ومظهر وسلوك الفرنسي المختطف أكثر من مظهر شخصين ملثمين قرأ أحدهما مطالب التنظيم الذي طلب من الرئيس الفرنسي وقف حملة بلاده ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروف اختصارا بداعش. فقد دأبت التنظيمات الإرهابية المسلحة على تجريد الرهائن من كل ما يشير إلى وضعهم السابق والاكتفاء بملابس عبارة عن عباءات تتلاءم ووضعهم الجديد، أما الجانب غير الظاهر من الحادث فيتمثل في الظروف المثيرة التي أحاطت بعملية الاختطاف لدرجة أن الرهينة أِوجد نفسه أو أُوجد في ظروف مريبة جدا وكأن عملية اختطافه تمت من فرنسا وليس من الجزائر وأن استدراجه من بلده إلى غاية الجبال الخطرة في منطقة القبائل كان أمرا مخططا له من قبل، حيث أشارت مصادر إعلامية إلى أن مصالح الأمن في الجزائر أوقفت مرافقي الرهينة الفرنسية للتحقيق معهم، باعتبار أنهم قدموا معه إلى منطقة تعتبر عسكرية وممنوعة على المدنيين وهو ما يزيد من الغموض بشأن ظروف الاختطاف التي بدت مريبة منذ الوهلة الأولى، فقد تزامنت مع تطورات دولية حصلت في الخليج العربي والشرق الأوسط، خصوصا الأحداث التي وضعت اليمن تحت السطوة الإيرانية والنفوذ الإيراني في المنطقة الذي يهدد دول الخليج العربي أكثر من تهديدات تنظيم الدولة الإسلامية له، فهل كانت فرنسا تبحث عن مبررات لوقف حملتها على تنظيم الدولة الإسلامية ومنحه فرصة للتحرك ضد النفوذ الإيراني في العراق وسوريا مرة أخرى؟ قد تكون ورقة وقف العمليات العسكرية ممثلة في الضربات الجوية على مواقع تنظيم الدولة الإسلامية مهمة للغاية في هذا الوقت للضغط على إيران من أجل وضع أفضل في اليمن، مقابل الانتهاء من ملف "داعش" وتوجيه ضربات قاصمة لهذا التنظيم في المنطقة، وإعادة حلفاء إيران في العراق. لكن ما علاقة هذا الوضع بما حدث في الجزائر؟ إن المطلب الرئيسي لتنظيم ما يسمى بجند الخلافة مثير حقا، فهو يتبنى موقفا خاصا بالوضع في العراق والشام والأحداث الجارية تعتبر في النهاية مكملة لبعضها البعض، وإذا كانت فرنسا ومن ورائها الولاياتالمتحدةالأمريكية تبحثان عن مبررات تدفعها نحو تجميد الضربات ضد تنظيم الدولة الإسلامية، فإن الحالة الفرنسية ممثلة في الرهينة الموجود بيد "جند الخلافة" قد تكون الغطاء الذي ترفع به دول التحالف ضرباتها مؤقتا إلى حين تسوية الخلافات الطارئة مع إيران، خصوصا أن مظهر الاختطاف الذي رأيناها جميعا يطرح الكثير من الأسئلة حول الظروف الحقيقية التي أدت إلى تواجد الرعية الفرنسي بين عناصر مسلحة بعد 48 ساعة من نزوله للجزائر.