لم تخرج الندوة الوطنية للتطور الاقتصادي والاجتماعي بالجديد كالعادة، فكانت مناسبة تستعرض فيها الحكومة إنجازات الجزائر لتحسين مناخ الاستثمار والتذكير بالتسهيلات التي قدمتها لرجال الأعمال والمستثمرين في محاولة منها لكسب المزيد من الثقة رغم التقارير التي تصدرها الهيئات العالمية الكبرى والبنك الدولي حول وضعية الاقتصاد الوطني الذي تحاول حكومة الوزير الأول عبد المالك سلال الخروج به من عباءة اقتصاد الريع مع المحافظة على العصا التي تشدها هذه الأخيرة من الوسط أي المحافظة على اجتماعية التوجه الإديولوجي للاقتصاد الاشتراكي ولبرالية اقتصاد السوق التي يدعو إليها رجال الأعمال الجزائريين والأجانب على حد سواء. انتهت هذه الندوة من دون اتخاذ قرارات واضحة ذات أرضية تنفيذية واقعية تحقق طموحات كل الأطراف فكل منهم كان يحاول شد الحبل إلى طرفه، فحكومة الوزير الأول عبد المالك سلال تحاول منذ انعقاد القمة الاقتصادية العام المنصرم مجاراة رجال الأعمال من خلال وعود أكدت فيها أن الاقتصاد الوطني مفتوح لكل الشركاء ومن دون استثناء فلا فرق بين القطاع العمومي والخاص والتسهيلات للجميع فالنتيجة حسبها هي الأهم لبناء اقتصاد منتج وهي الوعود ذاتها التي أطلقتها الحكومة خلال الثلاثية الماضية، إضافة إلى تقديمها تعهدات بالمزيد على غرار تقليص الجباية وتسهيل التمكين من العقارات وتخفيض إتاوات الامتياز من دون إعطاء أرضية عمل واضحة ونتائج وتوصيات يمكن تطبيقها على أرض الواقع ويمكن أن تصب فعلا في إطار تحسين مناخ الاستثمار في الجزائر. من جهتهم عبّر رجال الأعمال والخبراء الاقتصاديون عن مخاوفهم وتجلت كل مطالبهم في تحسين وضعية الاستثمار الوطني كل وفق ما يخدم قطاعه، إلا أنها بقيت مجرد اقتراحات لمشاريع يمكن أن يتم إنجازها على المدى البعيد من دون حلول واعية فعلا، حتى الخلاصات التي خرجت بها هذه الندوة والتي قرأها في خطابه الختامي وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب جاءت في معظمها توصيات عامة على غرار الحاجة لإعادة تعريف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتحسين العمل العام في مجال الاستثمار ومقترحات لتطوير البورصة وسوق الأسهم والسندات، إضافة إلى مواءمة الإطار القانوني لإنشاء شركات رأس المال الاستثماري وغيرها من التوصيات التي اعتادت الحكومة إطلاقها خلال مثل هذه المناسبات، على غرار الثلاثيتين الاقتصاديتين المنعقدتين خلال السنة الماضية ومنذ أقل من شهر واحد.