ظهر الإعلام الفرنسي على حقيقته بعد حادثة صحيفة شارلي إيبدو، وتخلى عن كل مبادئ الحياد وحرية الصحافة والتعبير التي كان يناضل من أجلها منذ قرون، وذلك بسقوطه الحر في مستنقع العداء للإسلام والمسلمين في فرنسا أو ما يعرف " بالإسلاموفوبيا" من خلال الحملة الإعلامية الشرسة التي أطلقتها لتشويه صورة الإسلام والمسلمين تحت غطاء حماية حرية التعبير والصحافة. وأطلقت كبرى القنوات التلفزيونية والصحف والمجلات الفرنسية حملة تعبئة عامة في فرنسا وأوروبا لتشويه صورة الإسلام تضامنا مع صحيفة شارلي إيبدو، ودعت إلى حماية فرنسا من الإسلام والمسلمين وحذرت من انتشاره الكبير بعدما أصبح المسلمون أكبر جالية في فرنسا، أكثر من 5 ملايين مسلم بفعل انتشاره العميق في المجتمع الفرنسي، خاصة والأوروبي بشكل عام. وظهرت صحافة فرنسا على حقيقتها الإمبريالية بعدما قامت بإطلاق حملة عبث واسعة بمشاعر المسلمين ومقدساتهم، فبعد المآسي التي خلفتها الرسوم الكاريكاتورية المستهزئة التي نشرتها " شارلي إيبدو" بخير خلق الله، هاهي قناة فرانس 2 الحكومية تبث حوارا وهميا مزعوما مع صوت تقمص شخصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم، في سهرة تأبينية لضحايا "شاربي إيبدو" بثت على المباشر سهرة الأحد في قنوات "فرانس 2"، "تي في 5 موند " "أر تي بي أف"، في إطار حملة منظمة ومقصودة للسخرية والاستهزاء بنبينا الكريم والدين الإسلامي الحنيف. وتزامنت الحملة الإعلامية المسعورة التي أطلقتها صحافة فرنسا مع حملة أخرى أكثر خطورة بعد تصاعد موجات العنف ضد المسلمين إثر الهجمات العنيفة التي طالت عشرات المساجد في جميع أنحاء فرنسا، إلى جانب الملصقات العنصرية، إضافة إلى وضع رأس خنزير على أحد المساجد في كورسيكا. وبحسب آخر التطورات التي نتجت عن هذه الحملة الإعلامية الفرنسية، فقد انتقلت عدوى الإسلاموفوبيا إلى مختلف دول أوروبا، من خلال المسيرات التي يقوم بها عشرات الآلاف من الألمان ضد ما أسموه بأسلمه أوروبا، وإلقاء قنبلة حارقة علي مسجد في السويد، إلى جانب تحذيرات من المسؤولين البريطانيين حول ارتفاع نسبة الإسلاموفوبيا في بريطانيا. فيما شرعت بعض الدول في طرد عشرات المسلمين إلى بلدانهم الأصلية. وبحسب تصريحات حسن فرسادو، رئيس اتحاد الجمعيات الإسلامية في سين سان دوني بفرنسا لصحيفة نيويورك تايمز، فإن المجتمع الإسلامي في فرنسا يخاف الانتقام، مؤكدا أنه تلقى لحد الآن شكاوى من نحو مائة مسلم، معظمهم من النساء، تعرضوا لهجمات وإهانات عنصرية أثناء سيرهم في شوارع مختلف المدن الفرنسية. كما أعلن مرصد مناهضة الإسلاموفوبيا التابع للمجلس الفرنسي للديانة السلامية بفرنسا أنه تم رصد أكثر من 50 عملا ضد المسلمين منذ الهجوم على مقر صحيفة "شارلي أبدو" بباريس، الأربعاء الماضي، من بينها 21 قذيفة ما بين أعيرة نارية وقنابل يدوية، إضافة إلى 33 تهديدا في صورة رسائل وشتائم.