لا يزال الإعلام الغربي يرمي سهامه ضد الإسلام والمسلمين في كل الاتجاهات بعد الهجوم الذي استهدف مقر صحيفة شارلي إيبدو والمتجر اليهودي في باريس الأسبوع الماضي، حيث أصبح كل تهجم على العرب والمسلمين مباحا حتى ولو تعلق الأمر بتزييف حقائق تاريخية والإساءة لنضال الشعوب في سبيل الحرية. هذا ما تجرأت عليه مجلة "تايم" الأمريكية، التي نشرت مقالا تحليليا مطولا عن أحداث العنف التي عرفتها فرنسا، تحت عنوان "تاريخ عنف مسلمي فرنسا بدأ من شوارع الجزائر"، وهو ما يجعل القارىء يكتشف من الوهلة الأولى أغراض كاتب المقال، ومحاولته الإساءة للإسلام وتاريخ الجزائر. ففي بداية المقال حاولت كاتبته "إليزا بيرمان" أن تضع الثورة الجزائرية في نفس كفة المنظمات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة وداعش، حيث اعتبرت أن محاولة فهم أسباب العنف لا يجب أن يربط بهذه التنظيمات الحالية، بل يجب العودة إلى التاريخ وبالضبط في فترة الخمسينات وبداية التسعينات، وهي نفس الحقبة التي شهدت اندلاع ثورة التحرير الوطني، واستقلال الجزائر. وهي نفس الفكرة التي اقتبستها الكاتبة من الكاتب الصحافي البريطاني الشهير في صحيفة "الأندبندنت" "روبرت فيسك"، الذي اعتبر "أن أصل القضية يكمن في مشكل مزمن في العلاقات الجزائرية الفرنسية، التي نتجت عن معاناة الجزائريين المسلمين لأكثر من قرن تحت حكم باريس، حيث حاولت عبثا أن تدفعهم لاعتناق المسيحية". وتابعت الكاتبة اقتباسها عن "فيسك" قوله "وبعد أن تم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار ومن ثم نيل الجزائر استقلالها عام 1962، بقيت العلاقات بين البلدين متوترة وشهدت ما تشبه السلام البارد"، خلف غضبا وعدم رضا بين الجزائريين المقيمين في الجزائر، وأولئك الذين بقوا في فرنسا، حيث عانوا من الفقر والإهمال ومن سياسيات التمييز، التي بلغت ذروتها عام 2010، عندما تم إقرار قانون يمنع ارتداء النقاب في الشوارع الفرنسية". كما ربطت المجلة بين ما يحصل اليوم في فرنسا وبين الجرائم التي ارتكبتها منظمة الجيش السري الإرهابية، التي لم ترض عن استقلال الجزائر، وحاولت أن تقوضه عبر استفزاز المسلمين والمعمرين الأوربيين حتى تندلع حرب أخرى، وهو ما اعتبره "وجه الشبه مع ما يحصل اليوم، حيث يستفز اليمين المتطرف المسلمين، الذين يردون عبر تنفيذ أعمال عنف". ويلاحظ في المقال أنه شمل على إسقاطات غير مؤسسة على واقع ولا منطق، فكيف أن يصور ثورة شعب ضد احتلال استيطاني وتأسيس دولته المستقلة أن كان بداية لعهد من الإرهاب وعدم التسامح، الذي يعتبر استفزاز اليمين المتطرف وحملاته ضد الإسلام والمسلمين هي الوقود الذي يلهبه من وقت لآخر.