يكرم "المسرح الوطني محي الدين باشطرزي" الخميس المقبل، الفنان المسرحي الكوميدي الراحل محمد التوري، وذلك بحضور عائلة الفنان وعدد من رفقائه والوجوه الفنية، ويعد التوري واحدا من أعلام المسرح الجزائري، كونه كان من بين الأوائل الذين أسسوا لشخصية المسرح الجزائري المتسم بالشعبوية، في ثلاثينيات القرن الماضي. وتعتبر مسرحية "زعيط ومعيط ونقاز الحيط" من أشهر النصوص المسرحية التي كتبها التوري، والذي اعتمد على الكوميديا السوداء في الكتابة، حيث اشتغل على الجمل البسيطة والسلاسة اللغوية، وكان عامل الإضحاك غطاء لبعث رسائل توعوية للناس أثناء الثورة، بالنظر إلى الألفاظ التي استعان بها، فقد عكس استعماله للأمثال الشعبية الجزائرية، ولم يدخل التوري ولا كلمة باللغة الفرنسية في نصوصه. ووفق إلى درجة كبيرة في التأسيس لمسرح جزائري بميزة شعبية مطابقة تماما لمتطلبات ذلك الزمن. وولد محمد بن عمر التوري في التاسع من شهر نوفمبر 1914 بالبليدة، ثم رحل إلى قسنطينة، بدأ مشواره الفني ممثلا بأدوار ثانوية قصيرة وعمره لم يتجاوز الرابعة عشر، وفي سنة 1933 انخرط في جمعية الموسيقي والتمثيل التي ترأسها محمد الدين الأكحل الذي عرف بالموسيقي الأندلسية، وتتلمذ عليه الشيخ دحمان بن عاشور ومحمد بن قرقورة، بعد تجربته مع فرقة الأمل الكشفية أسس المرحوم فرقة مسرحية تعد الأولى من نوعها في مدينة البليدة وأنتجت العديد من السكاتشات والمسرحيات، كتب أول مسرحياته باللغة العربية الفصحى، ونظرا لتفشي الأمية في الأوساط الشعبية رجع إلى اللغة العامية فكتب مسرحية "الكيلو" باللهجة الدراجة، وتعد هذه من الأعمال التي زادت من شهرة توري، ومثلت في كل من الجزائر ووهران وقسنطينة ونالت إعجاب الجمهور. وفي سنة 1942، انتقل محمد التوري إلى العاصمة، والتحق بفرقة التمثيل بالإذاعة بدعوة من محي الدين بشطارزي، وابتداء من سنة 1947 انضم إلى فرقة المسرح العربي بقاعة الأوبرا بالعاصمة التي كان يرأسها بشطارزي، إلى جانب عدد من الفنانين أمثال مصطفى كاتب، جلول باش جراح، علال المحب، رويشد وغيرهم، واشتهر بقدرته التمثيلية وأسلوبه الهزلي، إلى أن توفي عام 1959 تاركا العشرات من الأغاني الفكاهية أشهرها "افلوس افلوس" و"أنا مليت" وأكثر من عشرين مسرحية وعشر تمثيليات قصيرة، منها "علاش راك تالف" و"في القهوة"، "يا سعدي" و"الدكتور علال" و"الكيلو" وغيرها.