سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المدير التجاري لبنك البركة سعيد كريم ل البلاد : غياب الأطر القانونية أبرز مشاكل المصارف الإسلامية الاعتماد على صيغ المرابحة، الإجارة، المشاركة والاستصناع عملا بالشريعة
يلقي المدير التجاري لبنك البركة، سعيد كريم، في هذا الحوار الذي خص به ''البلاد'' الضوء على العديد من النقاط المرتبطة بنشاط المصارف الإسلامية ودورها في القطاع الاقتصادي، بالإضافة إلى العراقيل التي تواجهها وطريقة التعامل مع العملاء وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية على اعتبارها قضايا عادة ما تثير تساؤل المواطنين . بداية، ما تقييمكم لمكانة المصارف الإسلامية في الاقتصاد الجزائري؟ الإجابة عن هذا التساؤل يتطلب الوقوف على جانبين: الأول هو المتعلق بالقطاع المصرفي الخاص على الجملة ومكانته في الاقتصاد الوطني، لاسيما أن المصارف العمومية لا تزال تحظى بحصة الأسد على الرغم من التوجه العام الذي اتخذته السلطات العمومية خلال العقدين الأخيرين عبر الانفتاح على السوق العالمية وتسيير سبل الاستثمار على مؤسسات القطاع الخاص بما في ذلك البنوك. وعلى هذا الأساس لا تتعدى المؤسسات المالية الخاصة الناشطة في الجزائر 10 بالمائة من مجمل البنوك. وهو الأمر الذي ينعكس مباشرة على الجانب الثاني المتعلق بتواجد البنوك التي تتبنى أحكام الشريعة الإسلامية في تعاملاتها المالية التي تبقى ضئيلة جدا، وإن كانت قد تمكنت من تحقيق هدف التواجد والعمل في السوق الجزائرية ومن تعريف الزبائن بالخدمات التي تقدمها هذه الفئة من المصارف. ومن جهة أخرى فإن الإقبال المتزايد للزبائن على خدمات المصارف الإسلامية دفع العديد من المصارف الكلاسيكية إلى استحداث فروع لها تعمل طبقا لما تنص عيله أحكام الشريعة، وذلك من أجل منافسة البنوك الإسلامية على هذه النوعية من الزبائن التي ترغب في تفادي الممارسات المتعلقة بالفوائد الربوية . كيف تقيّمون مشوار بنك البركة الإسلامي في الجزائر باعتباره أول المصارف التي تبنت فكرة العمل وفق أحكام الشريعة؟ يعتبر بنك البركة الإسلامي حديث النشأة بالمقارنة مع العديد من المؤسسات المالية العمومية والخاصة الناشطة في السوق الوطنية، إلا أنه تمكن في المقابل من كسب ثقة قاعدة واسعة من العملاء الذين اقتنعوا بنوعية الخدمات التي يقدمها المصرف في ظل احترام أحكام وقواعد الشريعة الإسلامية. وقد انطلق مسار بنك البركة في الجزائر في شهر سبتمبر من سنة 1991 بوكالة واحدة وبميزانية لم تتجاوز المليار دينار جزائري. وقد تضاعف عدد الوكالات بعد 19 سنة من النشاط في السوق المحلية لتصل السنة الجارية إلى 26 وكالة، يندرج كل ذلك في إطار الاستجابة للطلبات المتزايدة على خدمات المصرف، بينما بلغ غلافها المالي 100 مليار دينار. وبالمقابل فهي توظف ما لا يقل عن 800 موظف بينما تحوز خدمات حوالي 200 ألف زبون. ما هي العوامل المساعدة، في نظركم، على انتشار نشاط المصارف الإسلامية في الجزائر؟ يمكننا أن نعتبر التوجه العام الذي تبنته السلطات العمومية عبر فتح المجال أمام الاستثمار الخاص في بداية التسعينيات أهم العوامل التي كانت وراء انتشار كل النشاطات الاقتصادية التي كانت حكرا قبل ذلك خلال الفترة الاشتراكية على المؤسسات العمومية فحسب، وتحول دور الدولة في القطاع الاقتصادي عامة كان وراء خلق هذا النوع من المبادرات، بالموازاة مع ذلك انفتاح السوق الجزائرية على الاستثمارات العالمية واستفادة هذه الأخيرة من المميزات التي يتمتع بها الواقع الاقتصادي في الجزائر الذي يظل عذريا إلى حد بعيد فاتحا مجال الاستثمار في مختلف التوجهات على غرار القطاع المالي والمصرفي. الإصلاحات الاقتصادية التي تشهدها الجزائر خلال السنوات القليلة الماضية شجعت أيضا الشباب على تجسيد مشاريعهم الخاصة من خلال إنشاء مؤسسات صغيرة أو متوسطة تحتاج عادة إلى التمويل من طرف البنوك بشكل عام، مما ينعكس إيجابا على نشاط المصارف الإسلامية، يضاف إلى كل ذلك رغبة المواطنين الجزائريين المتزايدة في تجنب فوائد الربا المتعامل بها لدى البنوك الكلاسيكية، لاسيما بعدما أسفرت عنه التعاملات بهذه الطريقة وما انجر عن الأزمة المالية العالمية من تداعيات. ما هي أبرز المشاكل التي تعاني منها البنوك الإسلامية؟ العراقيل التي تعاني منها المصارف الإسلامية لا تختص عامة فقط بهذا النوع من البنوك وإنما بالقطاع الاقتصادي بشكل عام، التي لا بد من أن تعمل على تحسين ظروف عمل المؤسسات على المديين المتوسط والبعيد. أما ابرز الإشكاليات التي قد تواجه نشاط المصارف الإسلامية فهي تتلخص في ثلاث نقاط أساسية: الأولى تتعلق بتقنين خاص بالبنوك التي تتعامل بأحكام الشريعة الإسلامية، إذ لا وجود لمثل هذا الوعاء والضامن القانوني على مستوى البنوك المركزية. النقطة الثانية تتعلق بحصول هذه البنوك على السيولة التي تحتاج إليها في نشاطها، انطلاقا من أن الأحكام المتبناة من طرفها لا تجيز لها اللجوء إلى سوق النقد لتغطية متطلباتها. والنقطة الأخيرة تتعلق بطريقة التعاقد التي تتعامل على أساسها هذه البنوك مع المؤسسات المالية الكلاسيكية. كيف تتعامل المؤسسات المالية الإسلامية مع الزبائن وطريقة تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية؟ يعتمد البنك على عدة صيغ للخروج من حرج الوقوع في الممارسات الربوية كطريقة المرابحة، الإجارة، المشاركة أو الاستصناع،. وتعتبر المرابحة صيغة إسلامية لتمويل الأصول، وهو تمويل محدد المدة والربح. وعلى خلاف تعاملات البنوك العادية، يشتري البنك العين المحددة التي يريدها المتعامل، وبعد أن يمتلكها حقيقة ويدخلها في ضمانه يبيعها له بمثل ما اشتراها به، مع زيادة ربح يتفق على مقداره عند التعاقد. وتطبق هذه الصيغة عندما يتقدم المتعامل إلى البنك بطلب فتح خطاب اعتماد لشراء البضائع أو استيرادها، مبيناً رغبته في شراء البضائع من البنك عند وصولها على أساس عقد المرابحة، ويقوم البنك بفتح خطاب الاعتماد بناءً على ذلك، ويتم دفع الثمن من قبل البنك باعتباره مشتريا للبضاعة أصالة، إذ عند وصول البضائع يبيعها البنك للمتعامل بالمرابحة بسعر متفق عليه، ويشمل التكلفة والخدمات. قد يلجأ البنك إلى تأجير ممتلكات منقولة وغير منقولة لعملائه، مع إمكانية تملُّك المتعامل العين المؤجرة في نهاية مدة عقد الإجارة أو عدمها، حسب الاتفاق المبرم بين الطرفين كما هو الشأن بالنسبة للقروض العقارية المدعمة، أو طريقة المشاركة عبر أبرام عقد يتفق بواسطته البنك والمتعامل على جمع مصادرهما المالية لأجل إنشاء أو تشغيل عمل أو صناعة، أو التعهد بأي نوع من مشاريع الأعمال، ويتفقان على إدارة ذلك وفقاً لشروط العقد. وبناء على ذلك تقسم الربح والخسارة بين الطرفين بنسبة مشاركتهما في رأس المال المستثمر، ويمكن أن تختلف نسبة الربح عن نسبة المشاركة في رأس المال وفقا لما يتولاه أحد الطرفين من أعمال إضافية، وكذا الاستصناع الذي يعتبر صيغة إسلامية لتمويل مشاريع البناء والصناعة، مثل بناء العمارات ونحو ذلك، وميزته أنه يتيح بيع ما لا يوجد عند التعاقد، مع إمكانية الدفع العاجل أو الآجل. كيف ترون القرارات الحكومية المتعلقة بمنع القروض الاستهلاكية، وأثر ذلك على نشاط المصارف الإسلامية؟ أعتقد أن هدف القرارات الأخيرة المتخذة من طرف السلطات العمومية هو تحقيق الإصلاحات الاقتصادية وتجسيد المصلحة العامة للقطاع بمنع الممارسات التي من شأنها التسبب في ضرر للاقتصاد أو تحويل السوق الجزائرية إلى مجرد مستهلك لمختلف المنتوجات التي تقبل عليه من جميع أنحاء العالم. أما بالنسبة لإلغاء القروض الموجهة للاستهلاك فإن بنك البركة مطالب بالتكيف مع هذا القرار كغيره من الإجراءات المتخذة أو قوانين القرض والنقد التي تطبق على المؤسسات المالية العمومية والخاصة على حد سواء. وعلى هذا الأساس فإن وكالة البنك شرعت منذ دخول القرار حيز التنفيذ في إعادة هيكلة أجزاء منها وكذا إعادة تأهيل مجموعة من موظفيها، فضلا عن تحويل الأجنحة التي كانت تعنى بالقروض الاستهلاكية إلى وجهات أخرى على غرار قروض المشاريع المصغرة التي من المنتظر أن تنتعش، والقروض العقارية العامة المدعمة من طرف الدولة.