تشبه العاصمة في نهار رمضان، مدن الأشباح التي تصور في أفلام هوليود، ولا يكاد يصدق المرء أن الشارع الرئيسي في عاصمة أكبر بلد إفريقي "ديدوش مراد" يكاد يخلو من المارة صباحا إلا من بعض المنزلقين إلى أعمالهم أنصاف نيام بعيون منتفخة من أثر السهر. والعجيب أن نفس الشارع في الأيام العادية لكن بواجهات ومحلات مفتوحة كان يرمي بالمشاة من الرصيف إلى طريق السيارات من شدة الازدحام ولعل حال المدن الكبرى الأخرى في الجزائر لا يختلف عن حال عاصمتها كثيرا بعد أن حول العديد من الجزائريين شهر الصيام من شهر للعمل وكسب الأجر إلى شهر يقتل فيه الوقت بالنوم ساعات النهار. البقاء في البيت أرحم! ويبدو أن تزامن شهر رمضان في السنوات الأخيرة الماضية مع فصل الحرارة، قد أثنى من عزيمة الصائمين خاصة أن ساعات الصيام تفوق ال16 ساعة، مما تزيدهم إرهاقا وعطشا فنجد بعضا منهم يقبلون على قضاء عطلتهم خلال هذا الشهر والمكوث في البيت، هذا ما أكدته عينة من المواطنين ل«البلاد"، معتبرين أنهم يحبذون قضاء عطلتهم السنوية في البيت وعدم الخروج تجنبا للتعب والعطش وكذلك مواجهة أصناف من البشر "يغلبهم رمضان". مواقيت الزحام تختلف واللافت أن هذا التغيير الذي طرأ على تحركات المواطنين قد أثر أيضا على مواعيد الزحام، فبعكس الأيام العادية تنعدم حركة النقل تقريبا في ساعات الصباح الأولى ورغم أن الوظيف العمومي قد حدد الساعة التاسعة صباحا كموعد لبداية دوام الموظفين يلاحظ انعدام شبه كلي لطوابير السيارات في هذه الساعة ولا تعود الحركة سوى بعد الساعة العاشرة إلى الحادية عشرة صباحا وهو وضع يستغله البعض لقضاء حاجياتهم صباحا ففرصة القيادة دون زحام في أيام الأسبوع لا تتكرر طوال السنة في العاصمة. بالمقابل، يعاني مرتادو وسائل النقل الجماعية من قلة الحافلات التابعة للخواص على مستوى بعض الخطوط مما يضاعف التعب والإرهاق ويتحول مشوار الذهاب إلى العمل صباحا إلى رحلة بحث عن وسيلة نقل يستعين فيها البعض "بالستوب". موظفون يصومون رمضان ويصومون عن العمل كذلك ويصطدم المواطنون مع حلول شهر رمضان الكريم بجمود وثقل الإجراءات الإدارية، بسبب سلوكيات وذهنيات الموظف الجزائري الذي تعود خلال هذا الشهر أن يصوم على العمل، حيث نجد التعليمات التي تتضمن أجندة مواقيت العمل التي تصدرها هيئة الوظيفة العمومية كل شهر رمضان غير محترمة بالمرة فبداية العمل المحددة ب9 صباحا تبقى مجرد حبر على ورق ليس إلا، لأن بداية العمل في الواقع تكون في الساعة الحادية عشرة أو أقل بقليل لتبقى مصالح المواطنين معلقة إلى غاية حضور المسؤولين المكلفين بالإمضاءات والتأشير على مختلف الوثائق والمحررات الرسمية. السهرة... الزحف إلى المساجد والمراكز التجارية وبعد شلل تكسره جزئيا حركة المتسوقين بعد العصر تعود العاصمة إلى الحياة ليلا وتصنع أضواء المحلات المفتوحة وأصوات المساجد، وهي تصدح بالذكر الكريم ديكورا فريدا تتميز به العاصمة وتختلف السهرات الجزائرية باختلاف العادات والميزانيات أيضا، فمن المواطنين من يقصد المساجد لقضاء صلاة التراويح ومنهم من يتوجه إلى المقاهي، كما يفضل بعض الجزائريين الخروج ليلا للتسوق وتجد العائلات الجزائرية ضالتها في المراكز التجارية على غرار "أرديس" و«باب الزوار" و«كارفور". جزائريون يفضلون قضاء سهرة رمضان على شواطئ البحر ومع تزامن شهر الصيام مع موسم الاصطياف، تلجأ العديد من العائلات إلى السهر والترفيه ليلا على شواطئ البحر بعد ساعات طويلة من الصيام خصوصا بعد تهيئة جزء كبير من الواجهة البحرية للعاصمة على مستوى كورنيش الصابلات أو الواجهة التابعة للمركز التجاري أرديس، إلى جانب الشواطئ المهيئة في الموانئ الترفيهية في كل من "الجميلة" و«سيدي فرج" و«برج الكيفان".