بعد العملية الجراحية بإصابات متفاوتة الخطورة على مستوى أجهزتهم التناسلية، هي إذن المأساة التي تركت بصماتها تستمر إلى أجل غير مسمى ولهذا أردنا معرفة تفاصيل الفاجعة فاغتنمنا فرصة تواجد عائلتي الضحيتين''بلعيد'' و''زويش'' بمستشفى بني مسوس التي جاءت لترقيع ما يمكن ترقيعه في المصيبة التي حلت بفلذة كبدتهما، وتأكدوا أننا مهما حاولنا نقلكم المعاناة التي يتخبط فيها ياسين وحسين، فلن نتمكن أبدا من عكس الحقيقة المرة التي يعيشانها بمفردهما المأساة بدأت ليلة 72 رمضان من عام 4002 كانت الساعة تشير إلى الواحدة زوالا عندما وصلنا مستشفى بني مسوس، توجهنا مباشرة إلى جناح جراحة الأطفال حيث صادفنا في سلم الطبق الأول البروفيسور ''حنظلة'' الذي تولى مهمة جراحة الضحيتين، طلبنا منه أفادتنا بتفاصيل ملف ياسين وحسين لكنه أعتذر لنا نظرا لارتباطه باجتماع طبي، وجهنا إلى الغرفة حيث يتواجد المعنيان، تقربنا من الغرفة حيث وجدنا العائلتين تستعدان لمغادرة المستشفى، رحبوا بنا وعلامات التعب بادية على وجوههم، تساءلنا في البداية عن تطور حالة البريئين فأجابنا الأب بلعيد: ''ها هما أمامكم، والحالة تجيبكم عن نفسها''. وكان الأمر بالفعل كذلك، فلم نكلف أنفسنا لإعادة طرح السؤال مرة أخرى على ياسين وحسين لأن الإجابة كانت جد واضحة على ملامح وجهيهما البريئين. هي كارثة من العيار الثقيل سقطت من دون سابق إنذار على طفلين لم يتعديا 01 سنوات، لكن تعدى فيهم وبكثرة الخطر الذي لايزال مفعوله بزحف نحوالأمام، يهدد سكينة حياتهما، مخلفا وراءه خوفا رهيبا على مستقبلهما، كيف لا ولم يثبت لحد الساعة أي نتيجة تؤكد سلامتهما بصفة نهائية من التشوهات التي أصابت جهازهما التناسلي بسبب استعمال الطبيبين ''ب.أ'' و''ج.ع'' المقص الكهربائي في عملية الاختتان، وهي الآلة التي منع استعمالها منذ أكثر من 02 سنة، نظرا لنتائجها السلبية التي تتركها حسب ما أكده لنا أولياء الضحايا وهو الأمر الذي وقع فعلا عندما بدأت بعض البقع السوداء والحروق على مستوى الأجهزة التناسلية ل71 ضحية من بين 68 طفلا ممن مورست عليهم العملية في ظرغ ساعتين، في حين لا ينصح باستعمال هذه الآلة لأكثر من 01 أشخاص ومرة واحدة فقط خلال كل نصف ساعة حسبما أضافت ذات المصادر نقلا عن البروفيسور حنظلة. شدنا الفضول لمعرفة أنواع العمليات التي خضع لها الضحيتان والجدوى من كل عملية، واكتفى الوالد ''بلعيد'' بالإجابة عن عدد العمليات التي تكررت 4 مرات في ظرف عامين، حيث أجريت العملية الأولى سنة 6002 بمستشفى بني مسوس، وبعد أن ناشدت العائلات الوزارة الوصية التكفل بحالة أبنائهم الخطيرة، قامت السلطات المعنية بإرسالهم إلى مستشفى زفابيولاس ببروكسل البلجيكية، وتبع هذا إجراء عمليتين ثانيتين بمستشفى بني مسوس تحت إشراف البروفيسور حنظلة الذي لم يدخر حسبهم أي جهد لمساعدة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه. انتظرنا خروج هذا الأخير ليوافينا بتفاصيل أكثر عن هذه العمليات نسبة نجاحها، لكن أكدت لنا بعض المصادر المقربة أن الاجتماع قد يستغرق ساعات طويلة، واصلنا الحديث مع عائلة بلعيد وزويش الذي قادنا فيما بعد للاستفسار عن رد فعل المتسببين في وقوع المأساة اللذين تجردا من تحمل المسؤولية مما دفع بالعائلتين إلى رفع دعوى قضائية ضدهما، حيث أدانتهما مجلس قضاء قسنطينة بسنتين حبسا نافذا، غير أن المتهمين قدما طعنا في الحكم في انتظار إصدار حكم المحكمة العليا. الأمل يبقى معلقا في التفاتة الرئيس بعيون باكية تقول: ''إننا نتجرع مرارة آلام أبنائنا لمدة خمس سنوات كاملة، في الوقت الذي يتنعم فيه من تسببوا في ماساتنا''، وبنبرة حزينة وآهات عميقة يرد الأب بلعيد ''لا نريد سوى سلامة أبنائنا واسترجاع حقوقهم كاملة، وإن أملنا كبير في أن تجدنا صرختنا صدى عند رئيسنا الذي نعلمه أن أطفالنا لا يزالون يعانون آلام وتشوهات أجهزتهم التناسلية'' مفندين صحة التقارير التي قدمت للرئيس والتي أفادت بانتهاء مشكل الطفلين بعد أن تم إرسالهما للمعالجة ببلجيكا. وهو الأمر الذي استنكرته العائلتان لأن الوضعية المزرية التي يعيشها أطفالهم لم تتغير، كما أن تكاليف العلاج والتنقل التي أثقلت عاتق الأولياء الذين صرحوا في حديثهم ل''البلاد'' أنهم عاجزون تماما عن مواصلة علاجهم في الخارج لأن عائق توفير الأموال يبقى حائلا دون ذلك، خاصة إذا علمنا يضيف نفس المصدر أن العملية الواحدة تكلف أكثر من 500 مليون سنتيم رافضين التعويضات التي قدمت لهم والمقدرة ب05 بالمائة وهو ما يجعل المصاب يتعرض لتلف كامل لعضوه التناسلي، ليتقاضى مقابل ذلك تعويضا أقل من 100 مليون، في الوقت الذي تكلف فيه العملية الواحدة 500 مليون سنتيم، مطالبين في هذا السياق بضرورة تسهيل الظروف للمعالجة بالخارج، بعد أن تنصلت الجهات المعنية من الالتزامات التي تعهدت بها سابقا، ناهيك عن الحالة النفسية للضحيتين التي بدأت تتدهور هي الأخرى. وهي الوضعية التي اضطرتهم للمطالبة بضرورة تغيير مقر سكناهم منتظرين في ذلك استجابة رئيس بلدية الخروب لتوفر لهما سكنات بعيدة عن الحي الذي يقطنون به بعد تذمر آبائهم من نظرة وإهانات المحيطين بهم. ورغبة منا في إيجاد حل يسهل تأقلم هذين البريئين مع وضعيتها وإدماجهما بالمجتمع اتصلنا بالخبيرة في علم الاجتماع تيجاني صوريا التي أكدت لنا أن الأسرة وحدها من تملك القدرة على إدماج هؤلاء بصفة عادية في المحيط الذين يعيشون به من خلال توعيتهم وعدم تحسيسهم بالنقص الذي يعانونه ومحاولة إفهامهم بأن وضعيتهم أمر عابر، والقضية قضية علاج وفقط. كما دعت الخبيرة الأولياء إلى ضرورة لعب دور الوساطة بين أبنائهما والمدرسة وكذا المحيط الخارجي ومحاولة تنبه الأصدقاء على عدم أهانتهم وتقريبهم من بعضهم لتجنب انطوائهم على أنفسهم. هل سنتنفس الصعداء بعد 81 سنة؟ هل ستثبت هذه العمليات الجراحية شفاء أبنائنا بعد بلوغهم سن 81 أم لا؟ هو السؤال الذي ردده أولياء الضحيتين أكثر من مرة، والذي أصبح عالقا في ذهن كل من يعرف ياسين وحسين، بل تحول إلى هاجس كل فرد من أفراد عائلتيهما. 81 سنة هو العمر الذي حدد فيه الأطباء ظهور النتيجة النهائية لكل من حسين وياسين، وتخيلوا معنا اللحظات الأليمة التي سيعيشها هؤلاء وحجم المعاناة التي سيواصل التخبط فيها هذين البريئين طيلة هذه الأعوام. ويتواصل المسلسل المأساة تلك هي القصة الكاملة والتي أصبحت حديث العام والخاص حتى من خارج الجزائر والتي تمت في 72 من شهر رمضان 4002 نظمتها بلدية الخروب بمدرسة ابتدائية، للتحول هذه العملية إلى مجزرة رهيبة كان فيها الأطفال محل تجربة، راح ضحيتها 71 طفلا، 9 منهم كانوا في حالة جد خطيرة بسبب الخطأ الطبي الذي أسفر عن بتر العضو التناسلي لطفلين، هما بلعيد ياسين وزويش حسين. قصة الطفلين بلعيد ياسين وزويش حسين وأطفال آخرون منهم الأخوان شعوة شكيب ومحمد وغيرهم تقشعر لها النفس، وقد تذرف لها بدل الدموع دم لما لحقهما من أذى، كانوا يتوقعون أنه بختانهم يتحولون إلى رجال تعتمد عليهم البلاد، لكن الفرحة تحولت إلى دمعة خاصة وقد بدأوا يعون حالتهم ووضعيتهم وأصبحوا يتساءلون لماذا يختلفون عن بقية الأطفال؟ لقد خلقوا بعضو تناسلي، ماذا حدث لهم؟ ولماذا فعل بهم ذلك؟ وأسئلة أخرى لا جواب لها.. أمام هول الجريمة والصدمة النفسية.. لا تسمع سوى كلمات الحسرة والأسى والصرخة المدوية التي أطلقها والدا الطفلين ياسين وحسين وهما يناشدان كل السلطات المسؤولة للتدخل السريع وإنصافهما في الوقت الذي التزمت فيه الجهة الوصية بالصمت والخمول في حق مرتكبي هذه الجريمة البشعة. حقا قد تكون ظاهرة اختطاف الأطفال والاعتداء عليهم جنسيا في نظر المجتمع جريمة يعاقب عليها القانون، لكن الإهمال والتلاعب بحياة المريض يعد من أبشع الجرائم خاصة إذا تعلق الأمر بأطفال أبرياء، وما حدث مع الطفلين ياسين وحسين اللذين بتر عضواهما التناسلان قد تكون جريمة تستحق تسليط أقصى العقوبة لاسيما أن مثل هذه الجرائم حدثت في الجزائر المسلمة التي لا تبخس حق المظلومين. مهما عبرنا ووصفنا فستبقى الصورة أكثر تعبيرا، لكن المسلسل المأساوي مازال متواصلا أكدت خلاله عائلات الضحايا أنها لا تريد إعدام المتسببن لكن تريد فقط إنصاف أطفالها والتكفل التام بهم، مناشدة في ذلك منظمة حقوق الإنسان إنصاف أطفالها الضحايا.