لا شك أن من تابع فعاليات ''البارود العراسي'' الذي احتضنه البرلمان بمناسبة عرض الحصيلة الحكومية، قد وصل إلى قناعة تامة ومكتملة الإفلاس مفادها أن خشبة المسرح كانت ولا تزال أكبر من الممثلين ومن ''المثيلين'' سياسيا الذين نشطوا على هامش العرس حفلات للرقص على أذقان ''غلابى'' الوطن، ممن تجاوزوا منذ زمن ''الفيس'' المحل حكايات الجنة تحت أقدام باعة الكلام وباعة الأوهام وباعة الركام.. فيضان البرلمان اللفظي أخرج لنا ثلاثة أنواع من الكائنات السياسية المنتهية الصلاحية شعبيا، النوع الأول ممثل في أرسيدي استعار من ''الفيس'' المحلّ كفره بأي ''نعمة'' مصدرها السلطة والهدف استسقاء انتخابي في الوقت بدل الضائع. أما النوع الثاني فإنه نوع تتحكم في ثورته و''فورته'' حسابات العرض والطلب ومن ''ينكع'' ويدفع يرفع أسهمه أكثر، ليبقى في النهاية النوع الأخير المتمثل في جماعة ''يحيا الزعيم''.. وهي فئة أثبتت جدارتها في مغادرة ''المرقص'' البرلماني، إذا ما تجرأ ''دعدوعة'' أفلاني على تجاوز السلم الإداري في تقديم الشكر مباشرة لمانح العزة والكرامة، وليس لمن يتقاضى أجرا مقابل تجسيدها.. سفاسف الأمور أصبحت تصنع وتؤطر و''تقطر'' الحدث السياسي في البلاد، ومنشطو ''الفرجة'' الإعلامية من حفاة الطبقة السياسية أثبتوا بجدارة واستحقاق قدرتهم ''الخانقة'' على لعب الأدوار المتقدمة لحجز ''صور'' تذكارية لهم يرفعونها حين مغنم انتخابي، وذلك إذا ما حل موسم الحصاد وأشهر كل منهم ''منجله'' لأجل العودة من حيث لم يرحل. وفي النهاية فإن ''المزحة'' البرلمانية التي بدأت من ''فتونة'' الأرسيدي وانتهت إلى ''معلكة'' من يشكر من، تقاطعت في قاسم مشترك ماهيته أنه على بعد أمتار من منصة العرض البرلماني، حيث التنابز و''التدابز'' بالألقاب بين الأسياد، تسببت قطرات من رذاذ مطر خريفي في إغراق البلاد والعباد.