تجد أنقرة نفسها، في المرحلة الراهنة، في وضع صعب، بعد دخول موسكو الحرب في سوريا بقوة، خاصة مع تكرار انتهاك المقاتلات الروسية المجال الجوي التركي، حيث يرى مراقبون أن ردها قد لا يتأخر، بالرغم من أنها قد لا تتحمل تبعاته. وبالرغم من أن قصف المقاتلات الروسية لمواقع المعارضة السورية والفصائل المتشددة، لم يمض عليه أكثر من أسبوع، إلا أنها انتهكت المجال الجوي التركي مرتين، وتحرشت بالمقاتلات التركية، التي تقوم بطلعات روتينية يومية على طول الحدود مع سوريا. وبوصفها دولة في حلف شمال الأطلسي، ندد الحلف بشدة بالخرق الروسي للأجواء التركية، وحذّر مسؤول رفيع المستوى فيه، من أن تركيا قد تقوم بإسقاط أي طائرة روسية قد تخترق مجالها الجوي في المستقبل، الأمر الذي قد تترتب عليه تبعات خطيرة. وسياسياً، أعلن القادة الأتراك معارضتهم الشديدة للتدخل العسكري، وفي مقدمتهم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الذي قال صراحة إن التدخل العسكري الروسي في سوريا، غير مقبول، بل ووصفه بالخطأ الإستراتيجي. أما رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، فأعلن أن بلاده ستفعّل قواعد الاشتباك العسكرية ضد أي طائرة تنتهك مجالها الجوي، وأن "القوات المسلحة التركية لديها أوامر واضحة، حتى لو كان طيراً محلقاً، فسيتم اعتراضه". على صعيد آخر، بعد أن ترددت شائعات قوية عن هروب نجل الرئيس التركي إلى إيطاليا، كشف بلال أردوغان أن ما ذُكر بشأن هروبه غير صحيح وهي مجرد شائعات الهدف منها تشويه صورته. وأضاف أردوغان في تصريح لوكالة الأناضول، أمس، أنه سافر إلى إيطاليا لمواصلة دراسته في أطروحة الدكتوراه في جامعة جونز هوبكنز. وقال أردوغان: "بدأت دراسة الدكتوراه منذ 2009 بجامعة جونز هوبكنز، ومركزها في واشنطن، ولها فروع في الصينوإيطاليا، وهي واحدة من أهم الجامعات في العالم في مجالها، وبعدها واصلت الدراسة في إيطاليا وذلك لقربها من تركيا، إلا إنني انقطعت عن الدراسة عام 2012، لأسباب صحية"، موضحاً أنه عاد مجدداً إلى إيطاليا لإتمام دراسته، وأنه يجري بحثاً حول اقتصاد تركياوإيطاليا بعد عام 1950، وتوزيع الإيرادات في البلدين، وأشار إلى اعتزامه إتمام أطروحته خلال سنة ونصف إلى سنتين، ومن ثم العودة إلى تركيا، مضيفاً :"جئت إلى إيطاليا في 30 أوت الماضي، وبدأت ببحوثي، وسافرت إلى تركيا قبل 10 أيام لقضاء عطلة عيد الأضحى، وسأزور تركيا كلما سنحت لي الفرصة". من جهة أخرى، يشير مراقبون إلى إخفاق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في استغلال ملف اللاجئين السوريين سياسياً لدى الاتحاد الأوروبي. وتتراكم عدم ملفات في تركيا، منها القضية الكردية والخلافات بين حزب العدالة التنمية الحاكم والأحزاب السياسية الأخرى والعلاقة المشبوهة مع التنظيمات المتشددة وغيرها من القضايا التي تؤثر على دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. وزار أردوغان مؤخراً العاصمة البلجيكية بروكسل، بعدما تأجلت هذه الزيارة 4 سنوات، في مسعى من تركيا للدخول في شراكة في السوق الأوروبية. لكن الأزمة السورية بكل حمولاتها الثقيلة طغت على القمة التركية الأوروبية ووضعت القضايا الثنائية في المرتبة الثانية من المناقشات، في ظل تباين حاد بين الطرفين حيال معالجة أزمة الهجرة إلى أوروبا.