أظهرت الأعداد المتزايدة لقتلى الجنود والضباط الإيرانيين خلال معارك ريف حلب الجنوبي، مدى انخراط طهران في الحرب السورية، واستماتتها في الدفاع عن حلب، التي تعد كنزا عسكريا ثمينا لأي طرف يستطيع السيطرة عليها. وأفادت تقارير متطابقة أن معارك حلب التي استعرت منذ نحو شهر، تدار بقيادة مباشرة من الإيرانيين الذين يوجهون دفة العمليات العسكرية، ويوزعون المليشيات على محاور القتال. وتعزو مصادر مطلعة هذه الحماسة الإيرانية في الدفاع عن حلب إلى عدة أسباب لعل أبرزها هو أن حلب وأريافها الجنوبية تعتبر البوابة الأساسية للوصول إلى معقل الرئيس السوري بشار الأسد في الساحل. وكانت المعارضة السورية حققت انتصارات ميدانية لافتة في معارك ريفي حلب وأدلب المجاورتين، قبل أن تعزز إيران من تواجدها العسكري وتدفع بآلاف الجنود، بحسب تقارير غربية، إلى تلك المناطق التي تشهد معارك مدعومة بغطاء جوي روسي. ويرى خبراء أن هذه الحماسة الإيرانية لا تهدف إلى إبعاد فصائل المعارضة عن معقل الأسد فحسب، وإنما تهدف، كذلك، إلى فك الحصار عن قرى شيعية في المنطقة مثل نبل والزهراء وكفريا والفوعة، والتي تعيش حصارا فرضته قوى المعارضة عليها منذ فترة طويلة. وكانت إيران فاوضت، نيابة عن النظام السوري، الفصائل المسلحة حول هدنة تسمح بنقل أهالي تلك البلدات إلى مناطق في بلودان والزبداني بريف دمشق، لكن المخطط الإيراني لم يكتمل بسبب رفض الفصائل لهذه الخطة التي تهدف إلى تغيير التركيبة الديموغرافية للمدن السورية. وتهدف المعارك، كذلك، إلى فك الحصار عن مطار كويرس العسكري شرق حلب والذي تشهد محيطه اشتباكات متقطعة في ظل حصار تفرضه عليه فصائل المعارضة المسلحة. ويرى خبراء عسكريون أن حلب وأريافها تعتبر منطقة استرتيجية هامة بالمعنى العسكري، وهي تفوق في هذه الأهمية مدينة دمشق ذاتها، باعتبار أن حلب تتاخم حدود تركيا، الخصم اللدود للنظام السوري، ويعبر منها مسلحون للانضمام إلى المعارضة المسلحة، كما أن تلك الحدود تشكل المنفذ الرئيسي لإمداد قوات المعارضة. وأكد رئيس الحكومة السورية وائل الحلقي أن محافظة حلب ستبقى كما كانت شامخة كقلعتها وستبقى في قلب اهتمامات الحكومة والقيادة". وأشاد الحلقي بما وصفه ب"الصمود الأسطوري" لأهالي حلب في ظل الحصار المفروض من قبل المسلحين.