بن بلة و بوضياف و آيت أحمد زاروا قبر مصالي الحاج في تلمسان و رددوا "سامحنا سيدي الحاج لقد خدعناك" في الحلقة الأولى من شهادته التاريخية، كشف المجاهد و المؤرخ الجزائري، أحمد تواقين خلال نزوله ضيفا على برنامج "صنعوا الحدث" الذي يعده و يقدمه الإعلامي أنس جمعة على قناة البلاد، أنّ 3 شخصيات تاريخية معروفة، وهي كل من الرئسين الراحلين أحمد بن بلة، ومحمد بوضياف، والزعيم التاريخي حسين آيت أحمد، قد اعترفوا بأنهم ظلموا زعيم حزب الشعب الجزائري ومؤسس نجم شمال إفريقيا، والحركة الوطنية الجزائرية، أحمد مصالي، الشهير بمصالي الحاج. ويذكر المجاهد و المؤرخ الجزائري، أحمد تواقين في الحلقة الأولى من شهادته التاريخية في برنامج "صنعوا الحدث" التي بُثت أمس الجمعة على قناة البلاد، أنّ الرئيس الراحل أحمد بن بلة قال له شخصيا بأنّه زار قبر مصالي الحاج في تلمسان و قرأ على روحه الفاتحة وهو يقول: "سامحنا سيدي الحاج لقد خدعناك" عبارات يشهد عليها ضيف "صنعوا الحدث". وتابع أحمد تواقين قائلا "سألت الرئيس بن بلة عما إذا كان ذلك بمثابة محاولة لطلب السماح من مصالي الحاح، وفعلا أجابني الرئيس بالقول إنهم ظلموا المناضل الكبير وهو من يصفه بعض المؤرخين ب "مؤسس الحركة الوطنية الاستقلالية" و"زعيمها". كما نقل المؤرخ الجزائري عن الزعيم التاريخي حسين آيت أحمد أن الأخير قام بزيارة مقبرة الشيخ السنوسي في تلمسان، ويذكر كيف كان حسين آيت أحمد يقرأ الفاتحة على قبر مصالي الحاج وهو يقول: "سامحنا سيدي الحاج". ونفس الأمر مع الرئيس الراحل محمد بوضياف، الذي قال أحمد تواقين إنه زار هو الآخر مقبرة الشيخ السنوسي في تلمسان، وطلب السماح من مصالي الحاج. حرام أن يُنعت مصالي الحاج ب "الخائن" .. فهو ضحية ظلمٍ تاريخي ويقول المؤرخ الجزائري و المجاهد أحمد تواقين في شهادته إنه "حرام أن ينظر الشباب الجزائري اليوم بشكل مذموم للزعيم مصالي الحاج الذي يُعد رمزا للوحدة الوطنية و الاستقلال في الجزائر" مؤكدا أن "الشيء الذي قدمه مصالي الحاج للجزائر لم تظهر زهرته اليانعة إلا عندما عشنا العشرية السوداء خلال سنوات التسعينيات" قبل أن يقاطعه مقدم برنامج "صنعوا الحدث" سائلا إياه "هل يرى أن مصالي الحاج تعرضّ لظلم تاريخي. فرّد الأستاذ تواقين قائلا "نعم هو مظلوم .. مظلوم و هذا بشهادة كبار رجالات التاريخ في الجزائر وفي مقدمتهم الذين ذكرتهم لك الدا الحسين و بوضياف و أحمد بن بلة". وفي حديثه عن الأسباب التي أدت بهؤلاء الزعماء التاريخيين لتبني قناعة أنهم ظلموا مصالي الحاج، الذي يقول أحمد تواقين إنه كان بمثابة "الأب الروحي" لكل ثوار ثورة نوفمبر المجيدة الشباب وفي مقدمتهم أسماء كبيرة مثل بوضياف و بن بلة و دباغين وبن بولعيد و عباس و آيت أحمد وغيرهم. وحول الأسباب التي جعلت هؤلاء يطلبون السماح من مصالي الحاج يقول أحمد تواقين إن "الحركة الوطنية وعكس جبهة التحرير الوطني كانت لا تفتح المجال لإنضمام الأشخاص لصفوفها إلا بعد تجربته 40 تجربة للتأكد من إخلاصه لله و للوطن، أما جبهة التحرير الوطني فقد فتحت الأبواب على مصراعيها لانضمام كل الناس دون تجربتهم للتأكد من إخلاصهم" ولذلك يضيف أحمد تواقين "بعد الاستقلال بدأت الصراعات حول المغانم وأضحى كل واحد ممن كان فدائيا أو مجاهدا يبحث عن المقابل، أي مقابل جهاده و نضاله ضد الاستعمار سواء من مناصب سياسية ومناصب مسؤولية، أو نفوذ أو مال أو عقار ....إلخ، وهذا طبعا عكس الحركة الوطنية التي لم يكن فيها هذا المنطق بتاتا.". وردا هنا على سؤال مقدم الرنامج الإعلامي أنس جمعة، حول تضييع مصالي الحاج لمرحلة تاريخية مهمة في الجزائر وهي مرحلة 1954 وحول ما إذا كان مصالي الحاج "لم يقرأ حركة التاريخ بالشكل الصحيح؟" .. قال أحمد تواقين إنه يعتقد أن مصالي الحاج الذي كان في السجن آنذاك لفترة جاوزت 27 عاما، ربما كانت التقارير التي تصل إليه تصل مزورة وربما فاتته الاحداث المتعاقبة بشكل سريع آنذاك". وهنا استوقفه مقدم البرنامج سائلا إياه "ألا ترى أن المشكل هو في الزعامة قبل أن يكون مشكل آخر .. بحيث كان مصالي الحاج يريد أن يكون هو فقط زعيم الجزائر و أي تحرك نحو الاستقلال يجب أن يكون تحت سلطته المباشرة"، ردّ احمد تواقين قائلا: "هكذا يقول خصومه .. ولكن يجب أن أقول أمرا مهما فأنا شخصيا لدي أولاد ومهما يكن من شهادات ومناصب لدى أولادي أبقى دائما أنا الأب و أنا سبب وجودهم بعد المولى عزّ وجّل، ولذلك أقول لك ومن جانب نفسي قد يكون الجواب على تساؤلك الآن نعم .. فكرة الزعامة واردة جداً ولكنها منطقية". تندوف استعصت على الاحتلال الفرنسي وصمدت في وجه جيش الاستعمار أكثر من قرن عن احتلال الجزائر وفي سياق آخر، أفاد المجاهد و المؤرخ الجزائري أحمد تواقين أنّ لمنطقة تندوف مساهمة كبيرة في الثورة من خلال المعارك الكبرى التي شهدتها المنطقة ونفذها المجاهدون في وجه المحتل. وأشار تواقين إلى أن الجنوب الجزائري عموما و منطقة تندوف كانت آخر نقطة يحتلها الاستعمار الفرنسي، حيث استعصت كثيرا على الأخير الذي لم يستطع دخولها إلاّ بعد أكثر من قرن من احتلال الجزائر وبالضبط في سنة 1934، حيث قاوم سكانها بشراسة الاستعمار الفرنسي الذي حاول النيل منهم سنة 1934 غير أنه قوبل بمواجهة ورفض شديدين من منطلق حرص السكان على محاربة النصارى والتمسك بوطنيتهم التي لم تؤثر فيها إغراءات ووعيد الجيش الفرنسي. وقد احتلت القوات الفرنسية تندوف في تاريخ 31 مارس 1934 وقد كلف احتلال تندوف وإقامة مركز بها مسيرة طويلة وشاقة لعمليات التوسع الاستعماري في الجزائر. الزوايا كانت منطلق للجهاد ضد الاستعمار وليس كما يقول البعض أنها موالية للفرنسيين ورداً على سؤال حول دور الزوايا خلال فترة الاحتلال، وتوضيحا لسؤال حول ما إذا كانت الزوايا مهادنة للاستعمار الفرنسي الذي قيل إنه كانت تعتبره "قضاءً وقدراً لا مفر منه"، قال المؤرخ الجزائري والمجاهد أحمد تواقين أنّ أغلبية المقاومات الشعبية التي اندلعت في الجزائر في الثمانينات و بداية التسعينيات من مقاومة بوعمامة و نسومر و الشيخ الحداد وغيرهم .. كانت انطلاقتها من الزوايا وهو ما يدخض وبشدة ما يُقال عن الزوايا الجزائرية. وتابع أحمد تواقين قائلا: "بعض الزوايا وليس جميعها كانت تظهر للاستعمار أنها موالية له و راضية على سياساته، ولكن هذه الزوايا نفسها خرّجت وطنيين وعندما اندلعت الثورة كانوا في صفوفها الأولى .. وكان الكثير من الفدائيين و جرحى ثورة التحرير يعالجون ويأكلون في هذه الزوايا التي كانت تُنعت بأنها موالية للاستعمار".