سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
البلاد في حوار مع المتنصّر العائد إلى الإسلام، بوزيد أزواو :تضخيم أرقام المتنصرين لترويج مصطلح الأقلية الدينية في الجزائر المبشرون يستغلون الجهل والفراغ، والمدرسة لم تحصّنا بشكل كاف ؤ
تزامنا مع صدور تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول الحرية الدينية، التقت ''البلاد'' محند إريد المدعوبوزيد أزواو المتنصر الذي عاد إلى الإسلام، حيث يكشف في هذا الحوار خلفيات وأسباب ''اعتناقه'' النصرانية ثم عودته إلى دين الفطرة، كما يقدم أجوبة تضيء بعض جوانب النشاط التبشيري في الجزائر وموقع منطقة القبائل في أجندة تيارات التنصير وغيرها من التيارات الأخرى التي تستهدف مشروع المجتمع الجزائري. ما هي الأسباب التي دفعتك لاعتناق المسيحية؟ هناك عدة أسباب ولكن السبب الرئيسي الأول هو الجهل بحقيقة الإسلام والجهل بالنصرانية، وعندما يكون الإنسان جاهلا يكون لقمة سائغة للشيطان. وفي المدرسة درسنا عن الإسلام ولكن كل هذا لم يسمح لي بمعرفة حقيقة الإسلام معرفة معمقة، ومعلوم أن الطبيعة تأبى الفراغ وهذا الفراغ الروحي كان السبب الرئيسي الثاني بالنسبة لي في اعتناقي النصرانية لأن الإنسان لا يستطيع العيش دون غذاء روحي، فإن لم يجد الإسلام أمامه حتى ولو ولد مسلما بالفطرة فإن أي إديولوجيا أخرى تستطيع أن تستهويه وتملأ ذلك الفراغ. قرأنا في بعض المصادر الإعلامية تصريحا لك قلت فيه إن ''المدرسة الجزائرية لم تعلمني العقيدة الصحيحة''؟ هذا خطأ وسوء فهم، أنا لم أتفوه به، بل كان تعليقا من أحد الأساتذة الذين شاركوا في الندوة وذلك بعد مداخلتي فقال هذا الكلام، أما أنا فلم أنطق به بتاتا، ما قلته هو ''رغم أنني درست الإسلام في البرامج المدرسية، إلا أنني لم ألمس نور التوحيد وحقيقة هذا الدين''... يعني كنا ندرس التربية الإسلامية فقط من أجل الانتقال. وبالإضافة إلى ذلك كانت التربية الإسلامية غير مدرجة في مواد الامتحان في الأقسام النهاية للأطوار الدراسية، الأمر الذي لم يجعلنا نهتم بها كثيرا. هل هذا يعني في نظرك، وباعتبار تجربتك الروحية كما تصفها، أن ذلك يدعو إلى المزيد من الاهتمام بالتربية الإسلامية في المنظومة التربوية؟ هذا سؤال أجدر أن يجيب عنه المختصون في الأمر، ويظهر لي أن التربية الإسلامية لابد أن تولى بالعناية اللازمة عندنا، فلما تنظر مثلا إلى ''اليهودية'' تجدها المادة الأكثر اهتماما لدى اليهود، وعلمت من بعض المصادر أن معاملها هو الأكثر ارتفاعا في المدارس العبرية مقارنة بالمواد الأخرى، أردت بهذا أن يكون الاهتمام بهذه المادة بشكل يجعلها تحصّن التلميذ الجزائري وتعلمه دينه. هل تعلم مثلا أن التربية الإسلامية لا يخصص لها أكثر من ساعتين في الأسبوع؟ بلى، عشت هذا في المدرسة وكانت عندنا ساعة فقط. وكما قلت كنا ندرسها من قبيل إسقاط واجب الحضور وتفادي الغياب فقط، فالتربية الإسلامية كما نعلم بعد من الأبعاد المهمة في هوية هذا الشعب وإذا ما تم التقصير في هذا الجانب أو في أي بعد من أبعاد الهوية الوطنية فإن ذلك سيشكل خطرا على مستقبل أمة بكاملها. عندما تستعيد شريط الأحداث، هل ترى أنك لو درست التربية الإسلامية كما ينبغي لتمكنت أن تتفادى السقوط في التنصير؟ كما قلت، هذا سؤال يجيب عنه المختصون في الأمر، والمدرسة وحدها لا تكفي بل لا بد من أن تنخرط العائلة والمجتمع في التحصين، لهذا ينبغي أن يشارك كل المحيط في تربية ولد واحد فكيف إذا ما سلمنا هذا الطفل لنفسه ولتيارات مختلفة تنخر جسد المجتمع. لكن هل كنت مستهدفا بالذات أم أنك أنت الذي بحثت عن التنصير؟ المنصّرون لم يقصدوني بالذات، بل الأمة بأكملها مبدئيا مستهدفة بالتنصير.. هذا ما ينبغي التأكيد عليه وليس منطقة القبائل فقط، والذين يدّعون هذا يفترون الكذب لأن الكل مستهدف: الجنوب، الشرق، الشمال والوسط.. فالمنصّرون يتحركون بما يسمى ''الفوضى المنظمة'' فهم كالفلاح عندما يلقي بذوره التي تؤتي ثمارها أينما وجدت. هذا بحكم تجربتك، لكن هل هناك اهتمام أكثر بمنطقة القبائل؟ نعم هناك اهتمام خاص بالمنطقة لضرب وحدة الأمة وزعزعة صفها، هذا هو الهدف الرئيسي وذلك من خلال إيجاد أقلية دينية كي يتم الضغط على الأمة وتمرير مشاريع معينة حتى تكون تحت رحمة جهات أجنبية... في المرحلة التي عشتها أي من 95 إلى 98 كانت عملية ''التنصير'' قليلة جدا ولم تكن هناك حملة. فعلى مستوى ولاية بجاية مثلا كان عدد الأشخاص المتنصرين لا يتجاوز 25 شخصا. الآن، كم عددهم؟ لا أعلم العدد بدقة، لكن ما أعلمه جيدا أن هناك تلاعبا بالأرقام، يجب الحذر منها لأن هناك تلاعبا بها وتضخيما لها وهذا فخ ينبغي الحذر منه جميعا سواء على مستوى الإعلام أو الرأي العام. دعنا نعد إلى الأسباب التي أدت بك إلى التنصر! كما سبق وأن قلت، فالسبب الرئيسي لتنصري هو الجهل ولهذا دخلت النصرانية بالمطالعة وخرجت منها بالمطالعة.. كيف ذلك؟ كنت أطالع الأدب الكلاسيكي وأعبد الله بطريقة تقليدية، أصوم كما يصوم الناس، ولكن عندما اطلعت على الأدب الكلاسيكي وبالخصوص الفرنسي وجدت فيه الكثير من المعاني والعبارات الدينية، فاكتشفت أقوال ''المسيح'' عليه السلام على غرار ''أن تحب الله بكل قوتك ومن كل قلبك'' و''أن تحب لغيرك ما تحب لنفسك''، وهي تعاليم لم أكن أعلم أنها موجودة في الإسلام فأثّرت في نفسي كثيرا خاصة أمام رغبتي في ملء فراغي الروحي الكبير، الأمر الذي دفعني إلى الاطلاع على الإنجيل ففعلت ذلك، ذهبت إلى ''متنصر'' ولم أذهب إلى ''المسجد'' وكان في قريتي رجل نصراني جزائري يعيش بها لا لكي ينصر، استهواني الأمر فعقدت معه جلسة واحدة فأعطاني نسخة من ''الإنجيل'' وقد أثرت في نفسي كثيرا تلك الجلسة خصوصا بعد ما مارس معي عملية غسل دماغ فتغلغلت في عاطفتي ولم أشعر كيف وجدت نفسي ''نصرانيا'' دون اقتناع وبيان، فالقضية تقتصر على العاطفة لا غير، فهم يستغلون الفراغ الروحي وتجميد عقول الناس وهو ما يجعل ضحايا المنصّرين لقمة سائغة في أيدي الذين يمارسون ''التنصير''. ألم يخطر ببالك الذهاب إلى الإمام والمسجد للاستفسار عما كان يدور في ذهنك؟ ألم تقض قريتي بمنطقتي سنوات من دون إمام؟! ألم يكد المسجد يتعرض للإغلاق لغياب من يؤم الناس رغم وجود مسجد في القرية؟! ولما بعثت الوزارة إماما شعرنا وكأن الرسول صلى الله عليه وسلم بعث من جديد خاصة أن موقع الإمام في منطقة القبائل مرموق فهو منذ اليوم الأول الذي يدخل فيه القرية يصبح أحد أبنائها لا يتركونه يحتاج إلى شيء، المهم أن يؤدي دوره الديني كما يجب. وبالمناسبة منطقة القبائل ورثت هذا منذ قرون من تقاليد انتشار الزوايا وكتاتيب العلم والعلماء الأجلاء الذين انتدبتهم المنطقة للعلم ورعاية الدين حتى أصبحت بجاية مثلا ملاذا لأمثال ابن خلدون الذي درس على يد عبد الرحمن الإدريسي والوغليسي وهو يذكرهم في مقدمته المشهورة. فلما وصل الإمام أحدث ثورة وصحح الكثير من الشبهات وأجاب على الكثير من التساؤلات. هل هذا يعني أن دور الأئمة في مقارعة ''التنصير'' والوقوف في وجه التيارات المختلفة التي تحاول أن تنخر جسد الأمة والشعب الجزائري مهم؟ بطبيعة الحال، ومع ذلك أريد أن أشير إلى أن مستوى بعض الأئمة في منطقة القبائل أقل بكثير من مستوى التحديات، فمن الأسباب التي شجعتنا على النصرانية هو غياب الإمام. إذن، هل كان هذا الإمام هو سبب عودتك إلى الإسلام والتمسك به؟ دور الإمام كان كبيرا في عودتي إلى الإسلام والتمسك به، لأنه إمام واع ويحمل علما لا بأس به، فالإمام كان قبلة الشباب يسألونه عن أتفه الأمور فيجيبهم بثقافة عالية جدا فاغتنمت الفرصة لأسأله وكنت أنبهر بأجوبته خاصة أمام التناقضات التي وقفت عليها في النصرانية بين ما ورد في الإنجيل وما يدرسه المنصّرون ويدعون له من قبيل ''ألوهية عيسى وابن الله'' ولكن نحن نعلم أن عيسى دعا إلى عبادة الله. لكن، هل كنت تحدّث الشخص الذي كان سببا في تنصيرك عن هذه الأسئلة؟ قبل الشك كانت هناك مرحلة ''التخدير''.. تشعر بأنك مخدر في دنيا يزينها الشيطان ويعيشها الإنسان ثم بعد ذلك كنت أقرأ كثيرا فبدأ الشك يدب في نفسي، وعندما سألته قال لي إنها أول مرة انتبه فيها إلى هذه التناقضات. هل كان صادقا؟ نعم كان صادقا. لكن لماذا لم يتحرك لديه الشك ويحاول التساؤل؟ كان يتبع هواه دون عقله خاصة أمام ما كان يسميه ''الخوارق'' التي تحدث له. حدثنا عن هذه ''الخوارق''؟ وهل عشتها؟ أنا شخصيا لم أرها ولم أعشها، ولكن هي حقيقة لا تنكر ''فباسم المسيح يخرج الجن'' ولكن الأمر سهل للتفسير، فعندما نعود إلى علماء الأمة الإسلامية نجدهم تحدثوا عن ذلك بإسهاب وفرقوا بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ونعلم أن المعجزات حكر على الأنبياء وأن الكرامات قد يجريها الله على يد أوليائه، ولكن نعلم كذلك أن للشيطان حظا كبيرا في جانب مما يسمى بالخوارق التي يتحدث عنها المنصّرون وهذا ما يعرف بالاستدراج من الشيطان والآية الكريمة تقول ''الله يمدهم في طغيانهم يعمهون'' فالذي يعبد الشجر والصخر قد يشهد خوارق، فالخوارق تحدث حتى للبوذيين والسحرة والمشعوذين وليس للنصارى فقط، هل وجدتم اعتراضا من قبل جهة مسؤولة؟ لم نجد اعتراضا، علما أننا كنا ''ننشط'' في سرية تامة. إذن، هل التنصير خاص بمنطقة القبائل؟ الأمر ليس خاصا بمنطقة القبائل، والمنصر بالطبيعة والمنطق يدعو غيره وكل هذا يسري بشكل مدروس. هل الشخص الذي نصّرك كان مسيرا أم يشتغل من تلقاء نفسه؟ المنصرون إذا أرادوا نشر أفكارهم بحثوا عن أبناء الجهة التي يريدون استهدافها... يتبعالأمر ليس خاصا بمنطقة