تجدد الاشتباكات بين قبائل "التبو" و"الطوارق" في ليبيا يتوقّع متابعون للملف الليبي، أن تشهد الأسابيع المقبلة، بالتوازي مع إنشاء حكومة وحدة وطنية ليبيّة بقيادة رئيس الوزراء المكلّف، فايز السراج، تحرّكاً عسكرياً دولياً جوياً وبرّياً في ليبيا ضد تنظيم "داعش". وتشارك في هذا التدخل، دول أوروبية عدة من بينها، فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا تحت قيادة إيطالية وبدعم لوجستي أميركي، لتأمين المنشآت النفطية، في محاولة للقضاء على المعقل الأوّل ل "دولة الخلافة" في الأراضي الأفريقية، وتجنُّب تكرار السيناريوهَين العراقي والسوري. ويأتي ذلك، في ظلّ توقعات وزارة الدفاع الفرنسية المتتالية بشأن مخاطر تمدُّد "داعش" نحو آبار النفط، بعد إحكام سيطرته على مدينة سرت الليبية الساحلية. كما تمكّن التنظيم، أخيراً، من السيطرة على مدينة بن جواد، وهي أهم مدينة في منطقة الهلال النفطي الشرقية، حيث توجد كبرى المنشآت النفطية الليبية. وبعث التنظيم رسائل واضحة حول أهدافه بتنفيذه هجمات دمويّة هي الأعنف منذ انهيار نظام العقيد الراحل، معمّر القذافي. وأمام هذه الاعتداءات، تصاعد القلق في باريس، وروما، ولندن من النفوذ المتنامي لتنظم "داعش" في ليبيا. وبحسب مصادر فرنسية مطلعة، فإن باريس تحديداً، باتت تُسرّع أكثر من أي وقت مضى، القيام بتدخل عسكري حاسم في أقرب وقت، لتقويض بنيات التنظيم في سرت، ومنعه من تهديد المنشآت البترولية. وبحسب وزارة الدفاع الفرنسية، فإن التنظيم يتمدد بحيوية فائقة في ليبيا بسبب الفوضى الأمنية والسياسية القائمة في عموم التراب الليبي. وزاد التنظيم عديد قواته ليبلغ 5 آلاف مقاتل، كما أنّ بنيته التنظيمية صارت أكثر احترافية بعد تطعيمه بكوادر مهمة أتت من معاقل التنظيم في سورية والعراق، وفقاً لتصريحات وزارة الدفاع الفرنسية. وبات التنظيم يسيطر على شريط ساحلي يُقدّر طوله ب300 كيلومتر، يضمّ سرت، وبن جواد. وهناك خشية كبيرة من سقوط مدينة أجدابيا "شمال شرق ليبيا" في يد "داعش"، بسبب النشاط الكثيف لعناصره داخل المدينة التي شنّت فيه، أخيراً، عدداً من الهجمات وقامت بعدد من الاغتيالات. من ناحية أخرى، يرى ديبلوماسيون وخبراء أن سوء الفهم والريبة يسودان العلاقات بين فرنسا وإيطاليا في ما يتعلق بالسبيل الأفضل لإدارة الفوضى السائدة في ليبيا. وتبدو ايطاليا مستعدة دون شروط لتولي قيادة عملية دولية، مع أن وزير خارجيتها باولو جنتيلوني حذر قبل بضعة أيام من أن أي عملية عسكرية مهما كانت متفوقة، لن تكون قادرة وحدها على إعادة النظام إلى البلاد. وجدد تأكيد ذلك في مقابلة صدرت اليوم، في مجلة "لو فيغارو" الفرنسية، معتبرا أن أي تدخل في المرحلة الحالية غير ممكن، "لا بل سيكون خطأ فادحاً". ولا تبدو فرنسا من الرأي نفسه. وكان رئيس وزرائها ايمانويل فالس ذكر في ديسمبر بضرورة "محاربة وتدمير" تنظيم داعش "في سوريا والعراق ولا شك غداً في ليبيا". وتثير هذه الرغبة في القضاء على التنظيم الجهادي قلق ايطاليا. وفي تطور آخر، قالت مصادر محلية في جنوب ليبيا إن اشتباكات عنيفة اندلعت صباح اليوم، في عدة مناطق من مدينة أوباري جنوب ليبيا بين قبائل الطوارق والتبو. وأكدت المصادر التي تحدثت لصحراء ميديا أن المواجهات التي اندلعت اليوم، بين الطرفين هي الأعنف من نوعها منذ تجدد الاشتباكات بينهما نهاية العام الماضي.