مدير نشاطات المصب يؤكد عرض مزيان للتعامل مع مجمع كونتال فونكوارك دخلت، يوم أمس، مرحلة سماع الشهود في قضية سوناطراك 1 نهايتها، في اليوم السابع عشر من المحاكمة الجارية أمام جنايات مجلس قضاء الجزائر، التي خلصت إلى أن المجمع النفطي لم يكن بتاريخ الوقائع خاضعا لقانون الصفقات العمومية إلا بعد انفجار الفضيحة التي دفعت بأعلى هرم في السلطة للتدخل وتكييفها مع قانون الصفقات العمومية رقم 10 / 36 وفقا لمرسوم رئاسي. وهي النقطة التي ستحسم الجدل القائم حول متابعة المتهمين في إبرام صفقات مخالفة للتشريع المعمول به التي حاول الدفاع إسقاطها منذ اليوم الأول للمحاكمة. تناقضت تصريحات الشاهدة، نور الهدى بوغانم، مديرة مركزية مكلفة بالتدقيق بالمديرية العامة لسوناطراك، مع سابقها، شيكيراد حسين، نائب الرئيس المدير العام المكلف بالنقل عبر الأنابيب، حين أقرت باستحالة إلغاء أي مشروع دخل المرحلة الثانية من الدراسة التي تعني جانب العرض التجاري وفقا لما تقره التعليمة "آر 14 / أ 408"، والتي تخول الإلغاء فقط عند العرض التقني في حال ارتأى رب العمل ذلك، وهو ما يتناقض مع تصريحات شيكيراد، الذي أجاز إلغاءها في إفادته، إلى أن تم تعديلها عام 2007 حيث تم تخصيص مصلحة لتقييم وتقدير الأسواق وإدخال نظام الاستشارة المحدودة، ليتم تعديلها مجددا عام 2008 ومرة أخرى عام 2010 وذلك بموجب أمر من الوزير الأول، أحمد أويحيى، لتتكيف مع قانون الصفقات العمومية رقم 10 /36 وفقا لمرسوم رئاسي. كما أكدت المكلفة بالتدقيق، أنها تمكنت من إحصاء 1843 مشروع خلال السنوات الممتدة ما بين 2001 إلى 2010، والتي تم بموجبها إبرام عقود بالتراضي البسيط، وهو الإجراء، حسبها، الذي لا يعني إبرامه بالضرورة في إطار "صفقة مشبوهة"، مشيرة إلى أن حصيلة المشاريع المدقق فيها خلال السنوات السالف ذكرها، كانت ترفع بصفة دورية ومنتظمة للرئيس المدير العام، وهو ذاته من كان صاحب القرار بسوناطراك. وكشفت الشاهدة أن مصالحها وفي إطار المهام المنوطة بها تقوم بالتدقيق في الملفات بصفة عرضية دون التمييز بين مشروع وآخر، مؤكدة أنها ليست عضوة بالمجلس التنفيذي وأنه ومنذ التحاقها بمنصبها شهر أفريل 2005، قامت بإعادة هيكلة المديرية التي تم إنشاؤها أواخر السبعينيات، من خلال تنظيم برنامج عمل سنوي للتدقيق يتم إعداده بالتنسيق بين المديرية الرئيسية و4 فروع لها تابعة كل واحدة منها لنواب الرئيس المدير العام، وهي تتكفل سنويا بمعدل ألف إلى 1500 ملف وتصل أحيانا إلى ألفين ملف، تتولى المصلحة الرئيسية دراستها، وأن 25 بالمئة منها تعني ملفات خاصة بالمشاريع يتولى المدققون أخذها بعين الاعتبار، فيما تسند لهم مهام أخرى مبرمجة من الرئيس المدير العام للمجمع النفطي، موضحة في هذا السياق بعد سؤال موجه من القاضي، بخصوص الصلاحيات التي كان يتمتع بها النائب، بلقاسم بومدين، أن للأخير أيضا جانب من التدخل بحكم صلاحياته، وله الحق مثله مثل الرئيس المدير العام لأن يطلب من مديرية التدقيق التابعة لمصلحته القيام بإجراءات التدقيق التي تخص ناحية المطابقة والفعالية. وحسب الشاهدة، فإن مديريتها لها مجال واسع ولكل مهمة توكل لها، لها خصوصيتها بدءا من تحضير دفتر الشروط إلى فتح العرض، ولهذه المديرية حق إبداء ملاحظات بشأن مدى مطابقة بنود الشرعية القانونية للعقود، ليرفع التقرير ويسلم مباشرة للرئيس المدير العام لدراسات التوصيات التي تقدمت بها مديرية التقدير وكثيرا ما تؤخذ بعين الاعتبار تقارير المدققين. ... ومزيان لم يطلب منا التدقيق في عقود المراقبة البصرية ولا "جي كا 3" وبخصوص إجراءات التدقيق في المشاريع محل متابعة، أوضحت الشاهدة، بوغانم، أن مصالحها أشرفت على تدقيق ملف إعادة تهيئة مقر غرمول قبل أن يشرع في تنفيذه أو إنجازه، أما بخصوص مشروع النقل عبر الأنانيب "جي كا 3 غالسي" فإنها ليست على اطلاعه عليه لأنه بلغ طاولة المديرية تزامنا مع مغادرتها مصلحته، وبشأن ملف تزويد 123 منشأة بترولية بنظام الحماية الإلكترونية والمراقبة البصرية، قالت إن عملية التدقيق كانت مبرمجة ضمن إطار مهام المديرية الفرعية للتدقيق التابعة لمديرية نشاطات المنبع، ولم يطلب من مصالحها التدقيق بالمشروع باستثناء استشارتها في مسألة فرعية. وحسب الشاهدة، فإن مديرية التدقيق ليست لها صلاحيات في توقيف أي مشروع كان، وقد يستجاب لها في بعض التوصيات فقط. وأن المتهم، محمد مزيان، لم يطلب منها التدقيق في المشاريع السالف ذكرها رغم ثقل الميزانية المسطرة لها التي قدرت ب 1100 مليار سنتيم بالنسبة لمشروع الحماية الإلكترونية والمراقبة البصرية و4300 مليار سنتيم بالنسبة لمشروع "جي كا 3"، موضحة أن ارتفاع سعر الصفقات ليس، حسبها، معيارا للتدقيق في الملفات. المكلف بنشاطات المصب: "مزيان هو من عرض علي التعامل مع مجمع كونتال فونكوارك" بالمقابل، فضحت إفادة الشاهد، فغولي عبد الحفيظ، نائب الرئيس المدير العام المكلف بنشاطات المصب ضلوع الرئيس المدير العام الأسبق، محمد مزيان، في اختيار مجمع "كونتال فونكوارك" وأنه هو من اقترح عليه التعامل معه لتأمين وحدات المصب بسكيكدة وأرزيو بنظام الحماية الإلكترونية والمراقبة البصرية، بعدما أرسل له ظرفا ملصق عليه ورقة صغيرة تحوي بطاقة الشركة ومدون عليها أرقام وهواتف رئيس مجلس إدارتها المتهم، آل إسماعيل محمد جعفر رضا. نافيا أن يكون هو من طلب المساعدة من مزيان بل إن الأخير هو الذي بادر بذلك بعد فشل الشركة الفرنسية "آل بي آس" في إنجاز المشروع بعد نيلها المناقصة المفتوحة التي أعلنت عنها مديرية نشاطات المنبع الكائن مقرها المركزي بوهران، تم خلالها الأخذ بعين الاعتبار بالأقل عرضا مما حمل لإلغاء العقد، وجعل الشاهد يقرر اللجوء للاستشارة المحدودة. وفي السياق ذاته، أوضح الشاهد أن الإجراء الذي لجأ إليه انتهج نفس إجراء المناقصة المفتوحة، بعدما تولت اللجنة التقنية إعداد دفتر الشروط، لتستجيب له 4 شركات أجنبية بعد فوزها بالعرضين التقني والمالي بتبني الأقل عرضا بالنسبة لشركة "سناب" الحائزة على الحصتين الأولى والثانية، غير أن طابع الاستعجال وضيق الوقت دفع إطارات سوناطراك لاقتراح الحصة الثالثة لفائدة "كونتال فون كوارك" الألمانية التي حظيت بالمركز الثاني، ولأنها قدمت أسعارا مرتفعة اشترط عليها اعتماد نفس الأسعار مع العارض الفرنسي. وأفاد الشاهد أن مشروع نظام الحماية الإلكترونية والمراقبة البصرية اقترحت لجنة مصغرة بالمجلس التنفيذي عام 2005، برئاسة الرئيس المدير العام، محمد مزيان بحضور نائبه بلقاسم بومدين الذي قدم ملفا عن التنقيب والحفر والحماية البصرية. أما قرار تقسيم الحصص والمنشآت البترولية، فأرجعه فغولي إلى اللجنة التقنية وتم الموافقة عليه، مبررا عدم اللجوء إلى المناقصة المفتوحة بسبب الطابع الاستعجالي والأمني، اللذين جاءا في مراسلة كتابية وجهها وزير الطاقة والمناجم، شكيب خليل، لجميع نواب الرئيس المدير العام. وردا عن سؤال القاضي للاستفسار حول عدم لجوء مديرية نشاطات المصب إلى الاستشارة المحدودة مثلما فعلته مديرية نشاطات المنبع لما تميزت به مشاريعهما من طابع استعجالي وأمني، ردّ الشاهد قائلا "وضعية المصب مختلفة، لكونها تقع بمنطقة صناعية وفي كبريات المدن"، فهي، حسبه، تتمتع بحماية الأجهزة الأمنية واختراقها "صعب نوعا ما"، على عكس نشاطات المنبع المتوقعة وسط تضاريس صعبة بالمناطق النائية للصحراء. المدير المالي: "سوناطراك مستقلة وهي من تمول الخزينة ومزيان لم يفرض تعليمات" من جانبه، أكد الشاهد، رزايقية علي، المدير المالي ومستشار الرئيس المدير العام لسوناطراك خلال عام 2002، استقلالية المجمع النفطي، وأن سوناطراك "تمول نفسها بنفسها" وأنها هي من تمول الخزينة العمومية من خلال المستحقات الضريبية التي تدفعها تمثل 85 بالمئة من الأرباح التي يحققها المجمع، وبهذا الشأن أوضح، الشاهد، أن أرباح المجمع تقسم ضمن إطار صلاحيات جمعية عامة، مشددا بالقول إن سوناطراك شركة عامة لا تخضع لقانون خاص، كما أنها لا تخضع لرقابة مجلس المحاسبة. بالمقابل، وبصفته عضوا بالمجلس التنفيذي، فند الشاهد أن يكون الرئيس المدير العام آنذاك، محمد مزيان، قد مارس ضغوطات على أعضاء المجلس التنفيذي في إشارة إلى تصريحات سابقة لبعض المتهمين والشهود ممن حملوه جزءا من المسؤولية في فرض التعليمات، موضحا أن اجتماعات المجلس التنفيذي كانت تجرى في "ديمقراطية" يطرح فيها الجميع رأيه أو أن يفرض محمد مزيان قراراته على أي كان.