من المرتقب أن تدخل استقالة حكومة عبد المالك سلال حيز التنفيذ وجوبا، بعد مصادقة البرلمان بغرفتيه على التعديلات الدستورية التي أحلها رئيس الجمهورية على المجلس الدستوري، هذا الأخير الذي أفتى بعدم تعارضها مع المبادئ العامة للدستور. مصير حكومة عبد المالك سلال يطرح الكثير من التساؤلات، فقد تسربت معلومات قبل أسابيع عن إمكانية تعيين وزير الصناعة والطاقة عبد السلام بوشوارب خلفا لسلال، إلا أن الكثير من المعطيات تذهب في سياق نفي هذا التسريب الذي يفتقد للسند السياسي والقانوني وفق التعديلات الدستورية نفسها التي تلزم رئيس الجمهورية بالتشاور مع الأغلبية البرلمانية في اختيار الوزير الأول، فضلا عن كون حكومة سلال تنال ثقة الحزب العتيد الذي ظل يطالب بأن تكون رئاسة الحكومة من نصيبه، بصفته صاحب الأغلبية البرلمانية، ورغم أن الأفلان لا يحوز تلك الأغلبية في مجلس الأمة كونها من نصيب صديقه اللدود الأرندي فإن حزب أحمد أويحيى لن ينال رئاسة الحكومة، لاعتبارات تتعلق أساسا بأولوية العتيد على الأرندي في مثل هذه الظروف، كون حزب جبهة التحرير الوطني الذي يرأسه رئيس الجمهورية نفسه لن يتخلى عن هذا المنصب لغريمة الأرندي، وأن ترتيبات البيت الداخلي في المرادية تستوجب إما الإبقاء على عبد المالك سلال وزيرا أول، أو تعيين شخصية محسوبة على الأفلان إن لم تكن من الحزب نفسه، وبالنظر إلى الوضع الحالي فمن غير المستبعد المس بالتوازنات القائمة داخل حكومة عبد المالك سلال، إذ من المرجح أن يتم الابقاء على نفس التشكيلة الحكومية، وتجديد الثقة في شخص عبد المالك سلال نفسه الذي واكب كافة الخطوات التي قادها بوتفليقة في أكثر من محنة داخليا وخارجيا، فكل المؤشرات تؤكد أن الرئيس قد يجدد الثقة في نفس الفريق الذي يواجه أزمة مالية بسياسة يروج لها ويدافع عنها من منطلق الحفاظ على التوازنات المالية وفق أوضاع سوق النفط الدولية. وتجديد الثقة في فريق عبد المالك سلال له مبرراته، كون المرحلة الحالية لا تتطلب إجراء عمليات جراحية على فريق الموالاة، إذ أن السلطة تبحث عن الاستقرار المؤسساتي أكثر من الانزلاق نحو مغامرة التغيير على فريق أثبت ولاءه لسياسة الرئيس الذي عينه، كما أثبت استماتته في الدفاع عن الخيارات السياسية والإدارية والمالية والاقتصادية التي تتباناها السلطة منذ انهيار أسعار النفط، وتداعياتها على الجبهة الاجتماعية التي يقول ذات الفريق إنها غير معنية بأي إجراءات تقشفية يمكن أن تمس بسياسة دعم هذا الجانب الذي يعتبر من ثوابت سياسة الحكومة مثلما يؤكد أعضاء الفريق الحكومي خلال خرجاتهم الميدانية في ولايات الوطن، وعليه فمن المرجح جدا أن يحافظ الرئيس على نفس الفريق الحكومي، على الأقل في الوقت الراهن.