أربكت مواقف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون التي أطلقها من العاصمة الجزائر، في ختام زيارته الرسمية يوم الأحد، وبدت الصحافة المغربية وكأنها تترجم ذلك الارتباك من خلال توزيع الاتهامات الجزافية على الأممالمتحدة، واصفة مواقفه الأخيرة من النزاع في الصحراء الغربية بالمنحازة، مثلما اعتادت عليه عندما يتعلق الأمر بالمواقف التي تفضح زيف الأطروحات المغربية والادعاء بمغربية الصحراء التي وصفها بان كي مون بالأراضي المحتلة. انزعاج وارتباك وقلق مغربي يأتي في وقت غير مناسب للرباط، حيث علاقاتها بأروبا تمر بفترة من التوتر السياسي والدبلوماسي الذي ضرب صورتها في الصميم، وسارعت السلطات المغربية في أعقاب تصريحات بان التي شددت على ضرورة صياغة نمط جديد لحل أزمة الصحراء الغربية يتمثل في المفاوضات المباشرة التي ظل المغرب يتهرب من سلك طريقها. الرباط حركت محلليها وصحافتها من أجل الطعن في حياد الأمين العام للأمم المتحدة، مشيرة إلى أن توقيت الزيارة غير مناسب، حيث كانت تأمل الرباط في أن تأتي هذه الزيارة عقب اجتماع مجلس الأمن الدولي بشأن الصحراء الغربية مطلع شهر أفريل القادم، لكن زيارة بان كي مون جاءت في الحقيقة من أجل ترتيب استراتيجية جديدة قد تزج فيه القوى الدولية لإجبار المغرب على الانصياع لحتمية التاريخ والجغرافيا في القضية الصحراوية، بعدما ظل الشعب الصحراوي محروما قرابة نصف قرن من الكفاح. ما أثار حفيظة المغاربة هو تركيز بان كي مون على حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره ، مستبعدا المقترح المغربي الخاص بالحكم الذاتي، وهو صياغة استعمارية تعكس مدى استعداد المغرب على التهرب من حل القضية الصحراوية تحت مسميات عدة لن تزيد الملف إلا تعقيدا. ومن الواضح جدا أن جولة الأمين العام للأمم المتحدة من شأنها أن تدعم موقف قادة الصحراء الغربية أمام المجتمع الدولي وفي المحافل الأروبية وحتى لدى مجلس الأمن الدولي الذي قد يتلقى عرضا شاملا لبان كي مون بشأن الوضع في الصحراء الغربية، مما يضعف حجة المغرب الذي يراهن على إبقاء الوضع على ماهو عليه الآن، وهذا في حد ذاته هروب سياسي لا يحل القضية الصحراوية، فقد سارعت غالبية وسائل الإعلام المغربية طيلة اليومين الأخيرين إلى شن حملة عامة على شخص الأمين العام للأمم المتحدة تشبه تلك التي شنتها ذات الوسائل على مبعوثه الأممي كريستوفر روس في أعقاب آخر زيارة له لمدينة العيون المحتلة، عندما فتح ملف حقوق الإنسان والتجاوزات التي يرتكبها المخزن والأمن بحق الناشطين الصحراويين وقد خشي المغرب من الدفع بملف حقوق الإنسان إلى واحدة من مهام المينورسو أو البعثة الأمية في الصحراء الغربية.