منذ بداية ما يسمى بحركة الغضب، كما تسميها قيادة الجبهة، أو التقويم والتأصيل، كما يسميها أصحابها، كان واضحا أن العامل المؤثر في تسيير الأحداث هو مكانة محركها الأول، الوزير الهادي خالدي· فقد كان السؤال الأكثر تداولا في الصالونات والنوادي، كما في الأوساط النضالية على مستوى القواعد، هو كيف يقوم وزير بإثارة المشاكل داخل حزب يقوده الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية، بل رئيس هذا الحزب هو نفسه رئيس الجمهورية؟وكان يبدو أن السؤال يحمل في ثناياه جوابا لا يقل إثارة، وهو أن الوزير لا يتحرك من طوع أمره، بل إنه ''مأمور أمرا'' من طرف ''جهات عليا''· ولم يتأخر المتابعون كثيرا في تعريف هذه الجهات العليا على أنها الرئيس نفسه، ومحيطه لاحقا·ورغم أن معرفة واقع الحزب العتيد تدحض أن يكون رئيس الدولة على علاقة بما يحدث في بعض القواعد الأفلانية، إلا أن مسار حركة الغاضبين ظلت تعتمد على استغلال صفة ''الوزير الغاضب''·· وحدها دون سواها، باعتبار أن خالدي وقارة وبوكرزازة، وغيرهما·· يفتقدون لأية شرعية تغري باتباعهم ضد بلخادم، سواء كانت الشرعية سياسية أو تاريخية أو نضالية أو فكرية··نعم، لقد كان واضحا للغاية أن صفة الوزير خالدي وحدها من تستقطب القواعد الغاضبة في بعض الولايات، وقد استفاد فعلا من أخطاء وتجاوزات بعض المشرفين والمسؤولين المحليين في هياكل الأفلان، ووظفها ضد القيادة، بينما لم تتكمن أن ترتقي إلى مصف حركة معارضة داخل صفوف الحزب·لكن يبدو أن الموضوع كله سيعرف نهاية قريبة، بعد قرار اللجنة المركزية للحزب تجميد عضوية الهادي خالدي في الحزب، انسجاما مع الفلسفة السائدة من أن تجميد عضوية وزير قرار غير مسبوق، لايمكن التصديق عليه من دون موافقة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بوصفه رئيس الحزب، وبوصف الأمين العام للحزب عبد العزيز بلخادم، الممثل الشخصي للرئيس·هكذا يمكن أن تنتهي ''موجهة الغضب'' أو ''حركة التقويم''، التي أبانت عن مخاطر غير يسيرة تتهدد قيادة الحزب في المرحلة الحالية والمستقبلية على السواء، ما يفرض على بلخادم ومن معه أن يبادروا إلى ''تفكيك'' القنابل الموقوتة و''تجاوز'' الحواجز المزيفة، إذا ما أرادا أن يتحقق رهان المؤتمر التاسع في التشبيب والانفتاح وعصرنة الأداء، بما يضمن للحزب العتيد أن يبقى قوة سياسية أساسية، رغم أن عددا غير قليل يأملون أن يصحو يوما·· ويجدوا أن الجبهة قد أصبحت فعلا···