شرخ كبير في المواقف بخصوص المشاركة أو المقاطعة اختتمت أشغال هيئة التشاور والمتابعة، المجتمعة نهاية الأسبوع الماضي، على وقع "شرخ" كبير بين صفوفها فيما بتعلق بمسألة المشاركة من عدمها في الاستحقاقات القادمة، رغم إجماعهم على توصيف الوضع وتحليله من الناحية السياسية، والاجتماعية وحتى الاقتصادية ومآلاته. أجمع التشكيلات السياسية والشخصيات المشكلة لهيئة التشاور والمتابعة للمعارضة، على تحليل الوضع من مختلف جوانبه، السياسية والاجتماعية الاقتصادية، ومآلاته على المدى المتوسط وحتى على المدى البعيد، خاصة ما تعلق بالقوانين المصادق عليها مؤخرا من طرف البرلمان بغرفتيه، والمتعلقة أساسا بقانون الانتخابات والهيئة العليا لمراقبتها، حيث اعتبر الجميع أن نسبة 4 بالمائة التي حددها قانون "عائقا"، كما أنها "خطر" باعتبارها تسوي بين الحزب والمترشح الحر. غير أن هذا الإجماع لم يصمد أمام مناقشة المشاركة من عدمها في الاستحقاقات القادمة، وحسب ما أوردته مصادر حزبية حضرت اللقاء، فضلت عدم الكشف عن هوتها، أن اللقاء انتهى ب«شرخ كبير" في الرؤى، بين من يمكن وصفه ب«الراديكاليين" في الطرح ويقودهم حزب جيل جديد برئاسة جيلالي سفيان الذي رافع ودافع عن ضرورة مقاطعة أي استحقاق كان بالنظر للقوانين التي تمت المصادقة عليها مؤخرا والتي تعمل على "التضييق" على السياسيين، وقد ساندهم في هذا الطرح حزب الفجر الجديد بقيادة الطاهر بن بعيبش، وساند هذا الطرح شيخ جبهة العدالة والتنمية عبد الله جاب الله، الذي رافع هو الآخر لصالح مقاطعة جماعية لأي استحقاق. وما صاحب الطرح الآخر، فتمثل في المشاركة، والذي قادته حركة مجتمع السلم بقيادة عبد الرزاق مقري، الذي شرح من جهته سلبيات وإيجابيات المشاركة والمقاطعة، مرجحا خيار المشاركة، وهو الذي يعتبر المقاطعة إعلانا عن الانسحاب التام من الحياة السياسية على مدار خمس سنوات على الأقل، مع الوضع في الحسبان أن تيارا قويا داخل الحركة يدفع نحو المشاركة، غير أن طرح مقري قابله أصحاب الطرح الأول الذي يرفض أن يسمع مستقبلا عن مقري ومن يسانده حديثا عن التزوير والذي سيصبح "غير مقبول" بالنظر لقبوله اللعبة السياسية التي يقول عنها إنها "مغلقة". وأما التيار الثالث فهو التيار الذي يميل نحو المشاركة المبدئية، غير أنه لم يفصل في الملف بعد، وهو يمثله حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وحزب طلائع الحريات الذي طالب بمهلة إلى غاية شهر سبتمبر القادم "في انتظار تحولات قد تطرأ على الساحة السياسية" من شأنها تغيير المعادلة، وهو الأمر الذي يستبعده جيل جديد. وحسب متابعين لشؤون هذين الحزبين، فإن التجاذبات الحاصلة داخل حزب طلائع الحريات هي التي دفعته للتريث، خاصة أن فريقا له وزنه داخليا يدفع للمشاركة ويرفض المقاطعة لعدة اعتبارات. كما أن "الأرسيدي" يبدو أنه مل سياسة الكرسي الشاغل ويطمح إلى التنافس والمنافسة في الاستحقاقات القادمة. ومن جهة أخرى، اعتبرت الهيئة أن إلغاء المشاريع التنموية والهيكلية المبرمجة بحذف ميزانية التجهيز ولاسيما بالنسبة للجماعات المحلية مؤشر على "فشل تسيير الأزمة الحالية بحلول استعجالية". كما حذرت من حالة الاحتقان الاجتماعي التي يمثلها انهيار القدرة الشرائية للطبقات الهشة من المجتمع، وكذا انخفاض قيمة الدينار الجزائري الذي سيؤثر أيضا على الطبقات المتوسطة، مجددة دعمها لحق الأحزاب السياسية في الحصول على الاعتمادات في الآجال القانونية. فيما شكلت الهيئة فوج عمل لبلورة مذكرة سياسية للمعارضة تتضمن كل الثغرات والخروقات والتراجعات المفروضة على التعددية السياسية، واعتبار هذه المذكرة قاعدة للعمل السياسي المستقبلي المشترك، وهي التي كانت من اقتراح قيادة حزب طلائع الحريات، بالإضافة إلى تشكيل فوج اتصال بباقي الأحزاب السياسية لبحث موقف مشترك من قانون الانتخابات الجديد من خلال تنظيم ندوة سياسية مشتركة، ودعوة كل مكونات هيئة التشاور والمتابعة من أحزاب وشخصيات ومجتمع مدني إلى التواصل الدائم والمستمر مع الشعب.