قرابة 140 ألف شركة و أكثر من 86 بالمائة من القروض "نسوية" تشير آخر الإحصائيات المتعلقة بالمقاولة النسوية في الجزائر إلى انتعاش ملحوظ للنشاط الاقتصادي لنساء خضن غمار التجربة واستغلين فرصة وجود تشريعات مشجعة على إنشاء استثمار فردي بأياد " ناعمة" يكون مساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية خاصة لفائدة بالنساء، حيث تشير التقديرات إلى تفضيل النساء المقاولات توظيف قريناتهن أكثر من العنصر الرجالي . ورغم أن بعض الذهنيات الرافضة لاستقلالية المرأة خاصة في مجال العمل ما تزال سائدة ومنتشرة هنا وهناك و بالأخص في المناطق الداخلية للوطن، إلا أن عددا معتبرا من النساء دخلن عالما ظل حكرا على الرجال لسنوات طويلة، و تؤكد آخر الاحصائيات المتعلقة بالمقاولة النسوية في الجزائر إلى ارتفاعها إلى نسبة 15.04 بالمائة خلال السنة الجارية، بعدما كانت لا تتجاوز سنة انطلاقها الفعلي في 2011 نسبة 5.77 بالمائة، وهي الأرقام التي تؤكد أن النساء في الجزائر أصبحن يسرن في هدوء لأن يصبحن فاعلا أساسيا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث تم تسجيل ارتفاع في نسب القروض الممنوحة للنساء من طرف الوكالة الوطنية للقرض المصغر إلى 83.83 بالمائة من ضمن القروض التي تم منحها خلال السداسي الأول من السنة الجارية، والموجهة لتمويل 2213 مشروعا في قطاعات الخدمات والحرف التقليدية واقتناء المواد الأولية ومشاريع أخرى. وتشير الإحصائيات التي حصلت عليها "البلاد" من وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة إلى أن اكثر الشرائح العمرية اندفاعا نحو الاستثمار والمقاولة النسوية هي شريحة 30 إلى 39 سنة بنسبة 38,86 بالمائة. أما المستوى التعليمي، فإن أصحاب المستوى المتوسط هم الأكثر رقبالا على مجال المال و الأعمال، حسب الاحصائيات نفسها. وبالنسبة لإحصائيات المركز الوطني للسجل التجاري، تم خلق 139.981 نشاطا تجاريا من طرف نساء ما يشكل نسبة 7.47 بالمائة من إجمالي الشركات التي تم استحداثها إلى غاية 5 أوت الجاري والمقيدة في المركز على المستوى الوطني. كما تشكل النساء نسبة 5.44 بالمائة من إجمالي شركات - الشخص المعنوي - والتي بلغ عددها 169.932 شركة. مونية مسلم: "وضعنا برامج مرافقة بالخبرة لإنجاح المقاولة النسوية و هدفنا استقطاب الجامعيات" شكلت جهود السلطة التشريعية محركا أساسيا للمقاولة النسوية في الجزائر، تضاف إليها المبادرات التي تطلقها بعض القطاعات الوزارية على غرار وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة من أجل تحفيز النساء على خوض تجربة الاستثمار حتى وإن انطلقن بمشاريع بسيطة ومتواضعة قد تمكنهن المرافقة بالخبرة من أن تصبحن فاعلا في الاقتصاد الوطني ومساهما في تقليص البطالة، خاصة وسط النساء. وفي السياق، كشفت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، مونية مسلم، عن برنامج خاص بمرافقة النساء المقاولات وجعل مشاريعهن مربحة وموفرة لمناصب شغل، وأشارت الوزيرة في تصريح خصت به "البلاد" إلى أن المقاولة النسوية لم تصل بعد إلى أداء دور في التنمية الاجتماعية، وأنها تحتاج إلى آليات لخلق هذه التنمية. وفيما يتعلق بجهود الوزارة من أجل دفع النساء إلى أداء دور فعال في الاقتصاد الوطني، خاصة فئة خريجات الجامعة، قالت مونية مسلم إنه زيادة على مشروع مرافقة المرأة الريفية لتشجيع صناعة الحرف التقليدية، ستنظم وزارة التضامن الوطني منتدى دولي حول المقاولة النسوية شهر أكتوبر المقبل لفتح نقاش بين الخبراء حول آليات دعم المقاولة النسوية، في إطار جهود الحكومة لتشجيع الاستثمار، خاصة لدى شريحة النساء، وتسعى الوزارة من خلال هذا المنتدى إلى وضع استراتيجية محكمة لتحقيق قفزة في مجال المقاولة النسوية، ستكون إضافة لبرنامج التكوين الذي استفاد منه 8080 شابا وشابة في مجال المقاولات. وعن الخبرة التي تمتلكها الجزائر في هذا المجال، أشارت الوزيرة إلى دور الخبيرة في مجال المقاولة النسوية راشدي فتيحة التي شرفت الجزائر في العديد من المحافل الدولية في التخطيط لإنجاح المقاولة "الناعمة" في الجزائر. الخبيرة راشدي فتيحة: "للمقاولة النسوية في الجزائر نقاط قوة ونحتاج إلى قوانين التمييز الإيجابي" من منطلق تجربتها في عالم المقاولات التي بلغت ربع قرن من العمل، اكتسبت السيدة راشدي فتيحة خبرة معتبرة مكنتها من افتكاك جوائز دولية في المجال وتقديم هذه الخبرة لبلدها من أجل النهوض بقطاع المقاولة النسوية الذي لا يزال يافعا، حيث أحرزت مرتبة مريحة في التصنيف الدولي لتنشيط المقاولة النسوية. وترى الخبيرة فتيحة راشدي أن للمقاولة النسوية في الجزائر نقاط قوة قد تفتقدها دول أخرى، خاصة ما تعلق بآليات التمويل والتشريعات الخاصة بتشجيع الاستثمار، غير أن نقطة الضعف، حسبما شرحته ل "البلاد"، تكمن في غياب برنامج ثري ومتنوع لمرافقة أصحاب المشاريع قبل إنشاء المؤسسات، على اعتبار أن المغامرة تكون قبل إنشاء المشروع أكبر، بالنظر إلى المصاريف المطلوبة والتي تكون غالبا عبارة عن قروض منحتها الدولة ويشترط تسديدها في آجال محددة. وأضافت المتحدثة أن عدد المؤطرين الذين توفرهم الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب والوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر، بالإضافة إلى الصندوق الوطني للتامين على البطالة لا يكفي لتغطية احتياجات التكوين، خاصة في المدن الكبرى، حيث لا توجد مكابح للاستثمار النسوي. وفيما يتعلق بالمقاولة النسوية في المناطق الداخلية، أثارت فتيحة راشدي مشكل العائق الثقافي، حيث تعزف النساء عن المشاركة في اللقاءات والملتقيات المخصصة لشرح إجراءات إنشاء المؤسسات، وتابعت بالتأكيد على توفر كل الآليات القانونية لتشجيع المرأة على دخول عالم المال والأعمال، باستثناء ما أسمته الخبيرة بتشريعات "التمييز الايجابي " المعمول بها في الدول المتقدمة على غرار الولاياتالمتحدةالامريكية وفرنسا، وهي الإجراءات التي تضع في الحسبان دور المرأة كزوجة وأم لديها مسؤولية اجتماعية، واستدلت المتحدثة بالمشاتل المخصصة للنساء في عالم المقاولاتد التي تؤدي دورا مهما في مرافقة هذه الشريحة، و لفتت إلى حاجة الجزائر لمخطط تطوير المقاولة النسوية ينقسم على عدة أجزاء، حيث ستشرع وزارة التضامن الوطني في تجسيد برنامج خاص بتشجيع المقاولة النسوية من خلال قافلة تحسيسية تنطلق في 18 سبتمبر تجوب ست ولايات، بالإضافة إلى ملتقى للمقاولة النسوية بمشاركة خبراء من الدول الأجنبية والهيئات الدولية يبحث كيفية تطوير هذا النوع من المقاولات ، على أن تواصل القافلة جولتها في الولايات وحتى المداشر لشرح كيفية إنشاء المؤسسات وتشجيع النساء المقاولات على تطوير مشاريعهن وأخريات للخروج من العمل الموازي إلى العمل القانوني، بعدها تختتم الحملة التحسيسية بحوصلة تكشف النقائص وتسد الثغرات تمكن من وضع مخطط لتشجيع المقاولة النسوية، والتي قالت عنها الخبيرة راشدي فتيحة إنها تساهم في تقليص البطالة وسط النساء، حيث تشير التقديرات إلى لجوء 70 بالمائة من النساء المقاولات إلى تشغيل قريناتهن أكثر من الرجال . ويستنتج من خلال كل هذه المعطيات أن التكوين يظل أول خطوة مرافقة تحتاجها المرأة المقاولة، وكذا إعلام النساء بآليات الدعم والمرافقة لإنشاء مؤسسة خاصة، وهو العنصر الذي يحتاج إلى مشاركة كل الفعاليات التي تطمح إلى ضمان نجاح المقاولة النسوية في الجزائر .