رغم الإجراءات المتخذة لتشجيع إنشاء المشاريع لدى الشباب من الجنسين، فإن المقاولة النسوية مازالت بعيدة عن ترجمة العدد المتزايد للمتخرجات من الجامعات اللواتي لايلجأن إلى العمل المستقل عكس نظيراتهن الأقل مستوى. وتشير الأرقام إلى أن نسبة النساء الناشطات اقتصاديا في الفترة بين 2001 و2010 لم تتعد 17 بالمائة. ومن بين 1.5 مليون امرأة عاملة تم إحصاء الثلث ممن يعملن لحسابهن الخاص، حسب دراسة أنجزت مؤخرا عن وضع المقاولة النسوية بالجزائر، وتحدثت ممثلة جمعية النساء المقاولات، السيدة نصيرة حداد، عن بعض نتائجها. إذ أوضحت الأخيرة أنه عكس الاعتقاد السائد فإن المتخرجات من الجامعة هن الأكثر معاناة من البطالة، والأكثر تخوفا من إنشاء مؤسسات، مشيرة إلى أن الدراسة ترجع ذلك إلى جملة من الأسباب أهمها نقص المعلومات والتوجيهات حول الإجراءات المتوفرة والتي تمكنهن من اقتحام هذا العالم، وبعد الجامعة التام عن ميدان المقاولات وعن المؤسسات، وبالتالي فإنها لاتحضر منتسبيها إلى هذا المسار، إضافة إلى كون إجراءات التشغيل المقترحة على الشباب تفتقد لدعائم تمكن من مرافقة النساء الحاملات لمشاريع وبالتالي اعتبرت موجهة أكثر للرجال. وتم شرح هذا الوضع، أمس، بمناسبة تنظيم المؤتمر الدولي الثالث للمقاولة النسوية بالجزائر تحت شعار “المقاولة النسوية، طريق آخر للتمكين” من طرف وزارة التضامن الوطني والأسرة بالتعاون مع الوكالة البلجيكية للتنمية، ويعد المؤتمر آخر محطة في الدراسة التي أعدت عن الموضوع، وفيه تتم مناقشة نتائج الدراسة من طرف كافة الفاعلين في هذا المجال وإشراكهم في إعداد توصيات ستنشر في التقرير النهائي للدراسة. وشكلت لهذا الغرض ثلاث ورشات ستطرح ثلاثة مواضيع مختلفة هي: الطاقات البشرية وتدعيم ثقافة المقاولة، طريقة تسيير وتثمين الإجراءات المساعدة على خلق المؤسسات، التنمية المحلية ودعم المقاولاتية. ولان أجهزة التشغيل بكافة أنواعها كانت في لب المواضيع المطروحة للنقاش خلال المؤتمر الذي يختتم اليوم، فإن ممثليها كانوا حاضرين للحديث عن كافة الجهود المبذولة في هذا الاتجاه وعرض الإحصائيات الخاصة بمدى استفادة العنصر النسوي منها. وفي السياق، تمت الإشارة إلى أن الوكالة الوطنية للقرض المصغر “انجام” تعد الأولى من حيث عدد النساء اللواتي استفدن من خدماتها. وهو ما أكده السيد مراد اوباد مسؤول الاتصال والتعاون بالوكالة الذي كشف انه من نهاية 2004 تاريخ إنشائها إلى غاية جوان 2012 تم منح أكثر من 586 ألف قرض مصغر بقيمة مليون دج للواحد، من بينها أكثر من 391 ألف قرض مصغر وجه لنساء أي أن نسبة النساء المستفيدات منها(القروض) قدرت ب60 بالمائة. وأهم قطاعات النشاط التي تفضلها النساء، حسب المصدر، نجد الصناعة المصغرة والحرف بنسبة 82.65 بالمائة وهي تتمثل بعض النشاطات الصغيرة مثل الخياطة التي تمارس أغلبها بالبيت، فيما تحتل الخدمات المرتبة الثانية بنسبة42 بالمائة ثم الزراعة ب31.5 بالمائة. وأضاف المتحدث أن هذه المؤسسات المصغرة المنشأة من طرف نساء سمحت بخلق أكثر من 400 ألف منصب عمل، دون أن ينفي وجود ظاهرة “موت المؤسسات”، لكنه اعتبر ان حصرها يحتاج إلى دراسة لم تتم بعد، إلا انه خفف من حدتها واعتبر أنها تمثل الأقلية. من جانبها، كشفت السيدة زايدي مسؤولة المشاريع بالوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب “أنساج” أنه وإلى غاية اوت 2012 سجل 232508 مشروع على مستوى الوكالة منها 24427 خاصة بالنساء أي بنسبة 11بالمائة من إجمالي مشاريع، ومكنت هذه الأخيرة من خلق 69963 منصب عمل. وعن قطاعات نشاط المرأة في الوكالة أشارت إلى أن أغلبها أي قرابة 52 بالمائة تنتمي إلى قطاع الخدمات، فيما قدرت نسبة المشاريع الحرفية ب21 بالمائة. ومن أهم الملاحظات التي تم التركيز عليها في المؤتمر حول موضوع واقع المقاولة النسوية في الجزائر، هو أنها أكثر انتشارا في المناطق الريفية منها في المناطق الحضرية عكس ماقد يعتقده الكثيرون، إذ بدا أن المرأة الريفية والتي لاتملك مستوى دراسيا عاليا هي الأكثر اقتحاما لمجال الأعمال المستقلة، وظهر ذلك في الرسومات المسحية التي أوضحت أن أكثر المشاريع التي أنشأتها نساء توجد في الهضاب العليا والجنوب.